ما كنتُ أُريد أنْ أسير خلفك ,
لكنْ : فاضّ بي الحنين !
عاثت الأحلام في أرجائي فسادًا
و ماعاد الدفء يتسرّب إلى حنايايّ إلا بك
عشتُ عمريّ والماضي مصدرًا للألم
عشتُ طيلة صغرِ سنيّ أُجيد الكتمان المُؤلم
المستقبل المُتكّسر بداخلي , السواد الذي حاربته بداخلي طويلاً - وحديّ -
العتمة التي حاولتُ الهرب منها دونما فائدة
الأرواح التي تعدني بالبقاء قُربي ثمّ تتلاشى و تغدو ضبابًا آثمًا
القبعة التي سقطتْ من رأسي حينَ كنتُ هاربة نحو طريقٍ لا يعود للوراء
الطفولة التي باتت الآن ضيّقة عليّ و أصبحتُ أرتدي الكِبر
ملامحي التي خفتُ عليها من الكهولة المُبكرة
و أسباب مُؤلمة , قاسية , مُميتة .. هي كلّ مادفعنيّ إليك
و لازلتُ إلى الآن يا صديقي الأكبر مُمتنة أنّ القَدر جاء بكَ إلى مُنعطف حياتي
ولدتُ ولم أحمل بداخلي ذنبًا كيّ أُعاقب بسرعة
اتخذتُ خطواتي إليك ولم أشعر أنيّ أرتكب خطأً بِ حقّ الإنسانيّة
- الظُلم - كلّ الظلم ليس في خطواتي الوجلة إليك , بل في حرماني منك
القسوة تكمن في الحاجز الكبير بيني و بينك
أدركتُ مُتأخرة أنّكَ " رجلٌ " في حياتك ينتخيه الجميع
رجلٌ طيّب , بارّ , طاهر , قويّ , مُتفّهم , صادق
لكنّكَ في حياتي كُنتُ " اُسطورة " , حُلمًا جميلاً مُستحيلا
تكبرُنيّ بِ وطن تحرسه الأحلام ,
و أصغُركَ بِ حُلمين أُربيهما مذُ كنتُ يائسة
لكنيّ لستُ صغيرة على تأثير أفعالك فيّ
ولستَ كبيرًا جدًا كيّ لا تهزّك دمعة طفولتي البريئة
يا صديق القصائد التي أكتبُها تحت المَطر :
أترى أنّ حُلمي بكَ أكبر مِنْ أنْ يتحقق ؟
أنا أرى أنْ حُلمي بكَ أجمل من أنْ يموت
أموتُ ولا يموتُ حُلميّ , أموتُ ولا يموت
دعنيّ أتكلم حتى إنْ كنتُ لنْ تُصغيّ
تعنيّ أصفُّ المُدن التي زرتُها معكَ في خيالاتي على رصيفٍ رماديّ بارد
تعنيّ أُحافظ على أوطاننا يا صديقي كيّ لا تتبخر
أُريد أنْ أستعير منكَ أحلامًا جديدة , وعمرًا جديدًا , و كلمات جديدة
أُريد أنْ أستعيد الثالث من تشرين الأول و أرسم له إبتسامة كبيرة " حقيقية " ليست مُزيفة
سأجمّع لكَ الياسمين , و أفرد جناح طائريّ , و أجبر كسر الأُنثى بداخليّ : سأبذل المستحيل لأصل إليك !
ها أنتَ تُوليّ وجهكَ قِبلَ الشمس مُجددا , أحاول رؤيتكَ فَ تنكسر عينايّ
أتبعك وأنا " عمياء " أحلامي صماء , نسيانكَ أبكم
ها أنا أنسى رسائلهم إليّ , و أتناسى أرواحهم التي تحاول التعلّق بأطراف كتفيّ
ها أنا أطوّق معصمي بِ ألوانك , و أكتبُ على جبيني اسمكَ , و أزرعني في حقلكَ أبدًا
هذيّ أنا يا صديقي المتواري خلف السحاب , يمرّني ثاني شتاء و أنتَ لستْ معيّ
تُجدد الأشجار حلّتها , تعود الطيور مُبكرًا لأعشاشها
و أنا
أنا أبحث عن آخر كلمةٍ سمعتُها منك كيّ أختبئ تحتها و أُغطي وجهي بكفيّ لا أُريد أنْ أرى
لا اُريد أنْ أرى تلكَ الأشياء التي لاتتعلق بك , تلكَ الأشياء التي تقتلُني مللاً و إجبارًا
ها أنا ذيّ خلفكَ أتنفس الخيبة كلّما صُفِقتْ أبوابك في وجه أحلامي
ليتها طيبتك , و إنسانيّتك , و حنيّتك .. كانت ليّ يومًا !
ليتكَ تكون ليّ لصباحٍ واحد فقط , كما كنتُ لكَ طيلة ربيع عُمري و خريفه
انسى أنّ ذاكَ الفارق الزمنيّ حال بيننا ,
انسى أنّ تُدثر حياتكَ بِ تقليد إجتماعيّ ,
انسى أنْ تتجاهل غُصنيّ النيّ الذي انحنى يأسًا منك ,
انسى المساحة الكبيرة التي تتسع لكلّ دمعاتي ,
انسى - لو لمرّة - أعمالكَ الدائمة و سفراتك التي لاتتوقف ,
انساها مرّة .. و اذكُرنيّ !
دعنيّ أفتحَ النافذة التي تطلّ على عالمكَ و أجدكَ خلفها
دعنيّ أحكي لكَ حِكايتي المُبكيّة
قبل أنْ تخطف السماء رُوحيّ فلا يعود في الحياة طِفلةً أنكرتْ حياتها لتعترف بك !
-
Dec - 4