الساعة تشير إلى الثالثه فجراَ..لا أسمع أي ُ صوتِ .. الكل نائم .. أمي .. أبي.. إخوتي..
إلا أنـــــــــــــــا..
ياإلهي.. أود أن أصرخ .. أبكي.. ياإلهي ماذا أفعل؟.. الحزن قد رسم ملامحه على محياي.. و الصمت الرهيب يسكنني منذ أكثُر من ثلاث ساعات.. يداي ترتعشان.. بالرغم من حرارة الجو.. أما فلبي.. وآآآآآآآآآه يا قلبي المسكين!!.. كم تحملت آلاماَ.. وتجرعت أحزاناَ .. ظُلِمت.. ولكن بقيت!!.. نعم بقيت ذلك القلب الطيب..


فتحت النافذة.. فرأيت ذلك القمر.. آآآآآآآآه ليتني مثله!!.. أعيش وحدي بعيداَ عن هذه الأرض وظلم (بعض) من عليهــــــــــــــــــــــــــــــــا..
أغلقت النافذه وتوجهت نحو باب غرفتي الصغيره.. لا أرى أحد.. السكون قد عم أجواء منزلنا.. وفي هذه اللحظه قررت النزول لفناء منزلنا والأستمتاع برؤية ضوء القمر عله يطفئ نار أحزاني..

وبعد نزولي .. أسندت جسدي المتهالك للحائط.. أخذت ألتقط أنفاسي.. جالت مقلتاي في كل الأتجهات .. لتستقر أخيراَ مع ضوء القمر..
وبعد لحظاتـــــــــــــ...

إلتف شريط الحزن أمامي من جديد.. لتدور إسطوانة ذاكرتي.. لتعلو نغمات عذابي مصحوبة بموسيقى الحنين.. يجرفني ويجرف أيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــام عمري للوراء.. أقلب صفحات الماضي التي باتت ألوانها باهتــــــــــــــة .. وأطرافها ممزقـــــــــــــــة.. لأغفو في غفوة من غفواااااااااااات زماني.. وإذا بتلك الطفلـــــــــــــــــــــــــــــــــــة البريـئـة.. إنها ليست كأيُ طفلة.. تذكرني بشيء مـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا!!.. ولكن لا أعلم ماهو؟

نظرت إلي والأبتسامة لم تفارق محياها.. أخذت تمشي بخطوات مسرعة .. وكأن الشوق والحنين يدفع خطواتها الصغيره بالرغم من سرعتها..

وفجــــــــــــــــــــــــــــــــــــــأه !!!!
أخذت تعانقني عناق المشتاق.. وضعت يدي خلفها.. أغمضت عيناي.. أحسست بالدفء.. البراءه..

وبعد مضي برهــــــــــة من الزمن..

نظرت إلي وقبلتني!!.. إبتسمت لها.. فإذا بيدي تلامس رأسها..
ثم قلتـــــــــــــــــــــــــــــ:
من أنت يا صغيرتــــــــــــــــــــــــــــــــي؟
قالتـــــــــــــــــــــــــــــــــ:
أنا ..
سكتت قليلاَ ثم قالتـــــــــــــــــــــــــــــــــ:
أنــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا أنت!!!!
رفعت حاجبي مندهشةَ ولكن هذا الإندهاش لم يدم طويلاَ.. حينما رأيت ملامحها تذكرت تلك الصوره التي تسكن أدراج مكتبي الصغير.. نعم هذه أنـــــــــــــا عندما كنت طفله ذات العشرة أعــــــوام..
احتضنتهـــــــــــــــــــــــــــــا.. ولكن ما لم أتوقعه هو تحرك تلك الدموع التي أبت أن تخرج حينما وددت ذلك!!.. ما الذي دفعها أن تخرج؟.. أهو الحزن؟.. أم الحنين والشوق للطفولـــــــــــــــه؟!..
يداي ترتعشان.. ودقات قلبي يسمعها الأبكم!!.. وإذا بصوت زفرات وأنين..
آآآآآآآآآآآآآآآه.. آآآآآآآآآآآآه..
أين أنت؟..
أخذت تلك الطفلة تنظر إلي نظرات المندهش!!.. لم تتوقع ما رأته!!..

وبعد لحظات..
قالتــــــــــــــــــــــ:
لماذا فعلت هذا؟.. أأنت حزينه؟
فلم تكد أن تنطق حرف الهاء .. إلا وأجبتها مسرعة..
( بل الحزن قتلنــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــي)..

أنا حزينة .. مستأءة.. بصراحـــــــــــــــــــــــــــة .. (مظلومــــــــــــــــــــة)..
الخلاصـــــــــــــــة .. بأنني سئمت العيش في زماني هذا!!.. ليتني ولو للحظة أن أرجع وأعيش كما أنت الآن.. تلك الطفلة البريئه التي لم تجاور الحزن..ولم تصادق الأسى .. لم تعرف للظلم مذاقــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــاََ..
سكن الصمت المكان الذي جمعني بها .. ثم قالتــــــــــــــــ:
ألم تحققي ما كنت تحلمين بـــــــــــــــــــه؟
قلتـــــــــــــــــــ:
الحمد لله.. لقد تخرجت من الجامعة قبل أيــــــــــــام في المجال الذي طالما حلمت به.. ولكن!!
يالأسفي الشديد .. لم أستطع أن أكبح جماح رغبتي في العوده إلى عالم الطفوله..
قالتـــــــــــــــ:
لماذا؟!
قلتــــــــــــ:
عالمك برئ يا عزيزتي و لا تبالين بالحروب أو سماع أخبار العالم من حولنا ومتابعتها .. وإذا رأيت مشهد من مشاهد القتل والتشريد.. قام أبي بإغلاق التلفاز أو تغيير تلك المحطه التلفزيونيه .. حتى لا تحلمي بما قد ترينه من مشاهد حقيقيه!!..

ولــــــــــــــــــــــكن.. أنت لماذا أتيتِ إلى هنا؟

فأجابتني قائله:
بحثاَ عن المستقبل الذي طالما حلمت به.. بحثاَ عن الأمومه.. بإختصـــــــــــــــــــــــــــــــــــار.. أبحث عن هويتي وذاتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــي..
قلت لها ..
وبعد أن سمعت مني معاناتي مع عالمي البائس.. أما زال حلمك يراودك؟..
إبتسمت تلك الإبتسامه التي لم أرها على محيا أي شخص قابلته في حياتي..
ثم قالتــــــــــــــــــــــــــ:

إعلمي بأن الدنيا كفاح .. وجد.. وعمل.. ومهما طال سواد الظلام.. لابد وأن يأتي الصبح بنوره ليكشف لنا ملامح الدنيا الرائعه.. والمستقبل المشرق.. فالأمل رمزنا .. والذكريات شريطنا..
والنسيان مصيرنـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا..

ثم أشاحت بوجهها البرئ بعيداَ عني مودعة إياي .. ثم تلاشى طيفها شيئاَ فشيئاَ.. حتى إنعدم..
أخذت أصرخ أي أنت.. أين طفولتي.. أريدها أن تعود.. أريدها أن تعود..
تلك العبارات الأخيره هي ما كنت أرددها مراراَ حتى رأيت ذلك النور على عيناي.. ثم أخذت شيئأ فشيئاَ حتى رأيت ذلك الرجل ذو المعطف الأبيض.. وعلى يمينه والدي.. ثم أدرت رأسي فإذا والدتي بجواري..
أنا أين أنا؟
قالتـــــــــ أمي:
لقت كنت محمومة.. تتمتمين ببعض الكلمات.. فأتينا بك إلى المستشفى.. إبتسمت تلك الإبتسامه المخفيه .. وقلتـــــــــــــــــــــــ:
لا لست أتمتم.. بل هي المشــــــــــــاعر الصامتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــه..



تحياتي:CC

أختكم / المشاعر الصامته..