قَالَ الله تَعَالَى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) [ التوبة : 119 ]،
وَقالَ تَعَالَى : ( وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ ) [ الأحزاب : 35 ]، وَقالَ تَعَالَى : ( فَلَوْ صَدَقُوا اللهَ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ ) [ محمد :21 ] .
1- عن ابن مسعود رضي الله عنه ، عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ : (( إنَّ الصِّدقَ يَهْدِي إِلَى البرِّ ، وإنَّ البر يَهدِي إِلَى الجَنَّةِ ،
وإنَّ الرَّجُلَ لَيَصدُقُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ صِدِّيقاً . وَإِنَّ الكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الفُجُورِ ، وَإِنَّ الفُجُورَ يَهدِي إِلَى النَّارِ ،
وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكتَبَ عِنْدَ الله كَذَّاباً )) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
2- عن أبي محمد الحسن بنِ عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنهما ، قَالَ : حَفظْتُ مِنْ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:
(( دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لاَ يَرِيبُكَ ؛ فإنَّ الصِّدقَ طُمَأنِينَةٌ ، وَالكَذِبَ رِيبَةٌ )) رواه الترمذي ، وَقالَ : (( حديث صحيح )) .
قوله : (( يَريبُكَ )) هُوَ بفتح الياء وضمها : ومعناه اتركْ مَا تَشُكُّ في حِلِّهِ وَاعْدِلْ إِلَى مَا لا تَشُكُّ فِيهِ .
3- عن أبي سفيانَ صَخرِ بنِ حربٍ رضي الله عنه في حديثه الطويلِ في قصةِ هِرَقْلَ ، قَالَ هِرقلُ : فَمَاذَا يَأَمُرُكُمْ - يعني : النَّبيّ صلى الله عليه وسلم -
قَالَ أبو سفيانَ : قُلْتُ :يقولُ : (( اعْبُدُوا اللهَ وَحدَهُ لا تُشْرِكوُا بِهِ شَيئاً ، وَاتْرُكُوا مَا يَقُولُ آبَاؤُكُمْ ، ويَأْمُرُنَا بالصَلاةِ ، وَالصِّدْقِ ، والعَفَافِ ، وَالصِّلَةِ ))مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
4-عن أبي ثابت ، وقيل : أبي سعيد ، وقيل : أبي الوليد ، سهل ابن حُنَيْفٍ وَهُوَ بدريٌّ رضي الله عنه : أنَّ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم ،
قَالَ : (( مَنْ سَأَلَ الله تَعَالَى الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ بَلَّغَهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ )) رواه مسلم .
5- عن أبي هريرةَ رضي الله عنه ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم : (( غَزَا نبيٌّ مِنَ الأنْبِياءِ صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهمْ
فَقَالَ لِقَومهِ : لا يَتْبَعَنِّي رَجُلٌ مَلَكَ بُضْعَ امْرَأةٍ وَهُوَ يُريدُ أنْ يَبْنِي بِهَا وَلَمَّا يَبْنِ بِهَا ، وَلا أحَدٌ بَنَى بُيُوتاً لَمْ يَرْفَعْ سُقُوفَهَا ، وَلا أحَدٌ اشْتَرَى غَنَماً أَوْ خَلِفَاتٍ وَهُوَ يَنْتَظِرُ أَوْلادَها .
فَغَزا فَدَنَا مِنَ القَرْيَةِ صَلاةَ العَصْرِ أَوْ قَريباً مِنْ ذلِكَ ، فَقَالَ لِلشَّمْسِ : إِنَّكِ مَأمُورَةٌ وَأنَا مَأمُورٌ ، اللَّهُمَّ احْبِسْهَا عَلَيْنَا ، فَحُبِسَتْ حَتَّى فَتَحَ اللهُ عَلَيهِ ،
فَجَمَعَ الغَنَائِمَ فَجَاءتْ - يعني النَّارَ – لِتَأكُلَهَا فَلَمْ تَطعَمْها ، فَقَالَ : إنَّ فِيكُمْ غُلُولاً ، فَلْيُبايعْنِي مِنْ كُلِّ قَبيلةٍ رَجُلٌ ، فَلَزِقَتْ يد رجل بِيَدِهِ فَقَالَ : فِيكُمُ الغُلُولُ فلتبايعني قبيلتك ،
فلزقت يد رجلين أو ثلاثة بيده ، فقال : فيكم الغلول ، فَجَاؤُوا بِرَأْس مثل رأس بَقَرَةٍ مِنَ الذَّهَبِ ، فَوَضَعَهَا فَجاءت النَّارُ فَأكَلَتْها . فَلَمْ تَحلَّ الغَنَائِمُ
لأحَدٍ قَبْلَنَا ، ثُمَّ أحَلَّ الله لَنَا الغَنَائِمَ لَمَّا رَأَى ضَعْفَنا وَعَجْزَنَا فَأحَلَّهَا لَنَا )) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
(( الخَلِفَاتُ )) بفتحِ الخَاءِ المعجمة وكسر اللامِ : جمع خِلفة وهي الناقة الحامِل .
6- عن أبي خالد حَكيمِ بنِ حزامٍ رضي الله عنه ، قَالَ : قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : (( البَيِّعَانِ بالخِيَار مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا ،
فَإنْ صَدَقا وَبيَّنَا بُوركَ لَهُمَا في بيعِهمَا ، وإنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بركَةُ بَيعِهِما )) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
قَالَ الله تَعَالَى : ( الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ ) [ الشعراء : 219 - 220 ]، وَقالَ تَعَالَى : ( وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُم ) [ الحديد :4 ] ،
وَقالَ تَعَالَى : ( إِنَّ اللهَ لا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ ) [ آل عمران : 6 ] ، وَقالَ تَعَالَى : ( إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ) [ الفجر : 14 ] ،
وَقالَ تَعَالَى : ( يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ) [ غافر : 19 ] وَالآيات في البابِ كثيرة معلومة .
1- عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، قَالَ : بَيْنَما نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَومٍ ،
إذْ طَلَعَ عَلَينا رَجُلٌ شَديدُ بَياضِ الثِّيابِ ، شَديدُ سَوَادِ الشَّعْرِ ، لا يُرَى عَلَيهِ أثَرُ السَّفَرِ ، وَلا يَعْرِفُهُ مِنَّا أحَدٌ ، حَتَّى جَلَسَ إِلَى النَّبيّ صلى الله عليه وسلم ،
فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيهِ إِلَى رُكْبتَيهِ ، وَوَضعَ كَفَّيهِ عَلَى فَخِذَيهِ ، وَقالَ : يَا مُحَمَّدُ ، أخْبرني عَنِ الإسلامِ ، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم :
(( الإسلامُ : أنْ تَشْهدَ أنْ لا إلهَ إلاَّ الله وأنَّ مُحمَّداً رسولُ الله ، وتُقيمَ الصَّلاةَ ، وَتُؤتِيَ الزَّكَاةَ ، وَتَصومَ رَمَضَانَ ، وَتَحُجَّ البَيتَ إن اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبيلاً )) .
قَالَ : صَدَقْتَ . فَعَجِبْنَا لَهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقهُ ! قَالَ : فَأَخْبرنِي عَنِ الإِيمَانِ . قَالَ : (( أنْ تُؤمِنَ باللهِ ، وَمَلائِكَتِهِ ، وَكُتُبهِ ، وَرُسُلِهِ ، وَاليَوْمِ الآخِر ، وتُؤْمِنَ بالقَدَرِ خَيرِهِ وَشَرِّهِ )) .
قَالَ : صَدقت . قَالَ : فأَخْبرني عَنِ الإحْسَانِ . قَالَ : (( أنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأنَّكَ تَرَاهُ فإنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فإنَّهُ يَرَاكَ )) . قَالَ : فَأَخْبِرني عَنِ السَّاعَةِ . قَالَ : (( مَا المَسْؤُولُ عَنْهَا بأعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ )) .
قَالَ : فأخبِرني عَنْ أمَاراتِهَا . قَالَ : (( أنْ تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّتَهَا ، وأنْ تَرَى الحُفَاةَ العُرَاةَ العَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ في البُنْيَانِ )) . ثُمَّ انْطَلقَ فَلَبِثْتُ مَلِيّاً ،
ثُمَّ قَالَ : (( يَا عُمَرُ ، أَتَدْري مَنِ السَّائِلُ ؟ )) قُلْتُ : اللهُ ورسُولُهُ أعْلَمُ . قَالَ : (( فإنَّهُ جِبْريلُ أَتَاكُمْ يعْلِّمُكُمْ أمْرَ دِينكُمْ )) . رواه مسلم .
ومعنى (( تَلِدُ الأَمَةُ رَبَّتَهَا )) أيْ سَيِّدَتَهَا ؛ ومعناهُ : أنْ تَكْثُرَ السَّراري حَتَّى تَلِدَ الأَمَةُ السُّرِّيَّةُ بِنْتاً لِسَيِّدِهَا وبنْتُ السَّيِّدِ في مَعنَى السَّيِّدِ وَقيلَ غَيْرُ ذلِكَ .
وَ(( العَالَةُ )) : الفُقَراءُ . وقولُهُ : (( مَلِيّاً )) أَيْ زَمَناً طَويلاً وَكانَ ذلِكَ ثَلاثاً .
2- عن أبي ذر جُنْدُب بنِ جُنادَةَ وأبي عبدِ الرحمانِ معاذِ بنِ جبلٍ رضي الله عنهما ، عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ،
قَالَ : (( اتَّقِ الله حَيْثُمَا كُنْتَ وَأتْبعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا ، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ )) رواه الترمذي ، وَقالَ : (( حديث حسن )) .
3- عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما ، قَالَ : كنت خلف النَّبيّ صلى الله عليه وسلم يوماً ، فَقَالَ : (( يَا غُلامُ ، إنِّي أعلّمُكَ كَلِمَاتٍ : احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ ،
احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ ، إِذَا سَألْتَ فَاسأَلِ الله ، وإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ باللهِ ، وَاعْلَمْ : أنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إلاَّ بِشَيءٍ قَدْ كَتَبهُ اللهُ لَكَ ،
وَإِن اجتَمَعُوا عَلَى أنْ يَضُرُّوكَ بِشَيءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إلاَّ بِشَيءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْكَ ، رُفِعَتِ الأَقْلاَمُ وَجَفَّتِ الصُّحفُ )) رواه الترمذي ، وَقالَ : (( حديث حسن صحيح )) .
وفي رواية غيرِ الترمذي : (( احْفَظِ الله تَجِدْهُ أَمَامَكَ ، تَعرَّفْ إِلَى اللهِ في الرَّخَاءِ يَعْرِفكَ في الشِّدَّةِ ، وَاعْلَمْ : أنَّ مَا أَخْطَأكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبكَ ، وَمَا أصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ ،
وَاعْلَمْ : أنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ ، وَأَنَّ الفَرَجَ مَعَ الكَرْبِ ، وَأَنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْراً )) .
4- عن أنسٍ رضي الله عنه ، قَالَ : إِنَّكُمْ لَتعمَلُونَ أعْمَالاً هي أدَقُّ في أعيُنِكُمْ مِنَ الشَّعْرِ ،
كُنَّا نَعُدُّهَا عَلَى عَهْدِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مِنَ المُوبِقاتِ . رواه البخاري .
وَقالَ : (( المُوبقاتُ )) : المُهلِكَاتُ .
5- عن أبي هريرةَ رضي الله عنه ، عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ : (( إنَّ الله تَعَالَى يَغَارُ ، وَغَيرَةُ الله تَعَالَى ، أنْ يَأتِيَ المَرْءُ مَا حَرَّمَ الله عَلَيهِ )) متفق عَلَيهِ .
و(( الغَيْرةُ )) : بفتحِ الغين ، وَأَصْلُهَا الأَنَفَةُ .
6- عن أبي هريرةَ رضي الله عنه : أنَّه سَمِعَ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم ، يقُولُ : (( إنَّ ثَلاثَةً مِنْ بَني إِسْرَائِيلَ : أبْرَصَ ، وَأَقْرَعَ ، وَأَعْمَى ، أَرَادَ اللهُ أنْ يَبْتَليَهُمْ فَبَعَثَ إِليْهمْ مَلَكاً ،
فَأَتَى الأَبْرَصَ ، فَقَالَ : أَيُّ شَيءٍ أَحَبُّ إلَيْكَ ؟ قَالَ : لَوْنٌ حَسنٌ ، وَجِلدٌ حَسَنٌ ، وَيَذْهبُ عَنِّي الَّذِي قَدْ قَذِرَنِي النَّاسُ ؛ فَمَسَحَهُ فَذَهَبَ عَنْهُ قَذَرُهُ وَأُعْطِيَ لَوناً حَسنَاً .
فَقَالَ : فَأيُّ المَالِ أَحَبُّ إِليكَ ؟ قَالَ : الإِبلُ - أَوْ قالَ : البَقَرُ شكَّ الرَّاوي - فَأُعطِيَ نَاقَةً عُشَرَاءَ ، فَقَالَ : بَاركَ الله لَكَ فِيهَا .
فَأَتَى الأَقْرَعَ، فَقَالَ: أَيُّ شَيءٍ أَحَبُّ إلَيْكَ؟ قَالَ: شَعْرٌ حَسَنٌ، وَيَذْهَبُ عَنِّي هَذَا الَّذِي قَذِرَني النَّاسُ ؛ فَمَسَحَهُ فَذَهبَ عَنْهُ وأُعْطِيَ شَعراً حَسَناً .
قالَ : فَأَيُّ المَالِ أَحَبُّ إِليْكَ ؟ قَالَ : البَقَرُ ، فَأُعْطِيَ بَقَرَةً حَامِلاً ، وَقالَ : بَارَكَ الله لَكَ فِيهَا .
فَأَتَى الأَعْمَى ، فَقَالَ : أَيُّ شَيءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ ؟ قَالَ : أَنْ يَرُدَّ الله إِلَيَّ بَصَرِي فَأُبْصِرُ النَّاسَ؛ فَمَسَحَهُ فَرَدَّ اللهُ إِلَيْهِ بَصَرهُ. قَالَ: فَأَيُّ المَالِ أَحَبُّ إِليْكَ ؟
قَالَ : الغَنَمُ ، فَأُعْطِيَ شَاةً والداً ، فَأَنْتَجَ هذَانِ وَوَلَّدَ هَذَا ، فَكانَ لِهذَا وَادٍ مِنَ الإِبلِ ، وَلِهذَا وَادٍ مِنَ البَقَرِ ، وَلِهَذَا وَادٍ مِنَ الغَنَمِ .
ثُمَّ إنَّهُ أَتَى الأَبْرَصَ في صُورَتِهِ وَهَيئَتِهِ ، فَقَالَ : رَجلٌ مِسْكينٌ قَدِ انقَطَعَتْ بِيَ الحِبَالُ في سَفَري فَلا بَلاغَ لِيَ اليَومَ إلاَّ باللهِ ثُمَّ بِكَ ، أَسْأَلُكَ بِالَّذي أعْطَاكَ اللَّونَ الحَسَنَ ،
والجِلْدَ الحَسَنَ ، وَالمَالَ ، بَعِيراً أَتَبَلَّغُ بِهِ في سَفَري ، فَقَالَ : الحُقُوقُ كثِيرةٌ . فَقَالَ : كأنِّي اعْرِفُكَ ، أَلَمْ تَكُنْ أَبْرَصَ يَقْذَرُكَ النَّاسُ فقيراً فأعْطَاكَ اللهُ !؟
فَقَالَ : إِنَّمَا وَرِثْتُ هَذَا المالَ كَابِراً عَنْ كَابِرٍ ، فَقَالَ : إنْ كُنْتَ كَاذِباً فَصَيَّرَكَ الله إِلَى مَا كُنْتَ .
وَأَتَى الأَقْرَعَ في صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِهَذا ، وَرَدَّ عَلَيهِ مِثْلَ مَا رَدَّ هَذَا ، فَقَالَ : إنْ كُنْتَ كَاذِباً فَصَيَّرَكَ اللهُ إِلَى مَا كُنْتَ .
وَأَتَى الأَعْمَى في صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ ، فَقَالَ : رَجُلٌ مِسْكينٌ وابنُ سَبيلٍ انْقَطَعتْ بِيَ الحِبَالُ في سَفَرِي ، فَلا بَلاَغَ لِيَ اليَومَ إلاَّ بِاللهِ ثُمَّ بِكَ ،
أَسأَلُكَ بالَّذِي رَدَّ عَلَيْكَ بَصَركَ شَاةً أَتَبَلَّغُ بِهَا في سَفري ؟ فَقَالَ : قَدْ كُنْتُ أعمَى فَرَدَّ اللهُ إِلَيَّ بَصَرِي فَخُذْ مَا شِئْتَ وَدَعْ مَا شِئْتَ فَوَاللهِ ما أجْهَدُكَ اليَومَ بِشَيءٍ أخَذْتَهُ للهِ عز وجل.
فَقَالَ : أمْسِكْ مالَكَ فِإنَّمَا ابْتُلِيتُمْ . فَقَدْ رضي الله عنك ، وَسَخِطَ عَلَى صَاحِبَيكَ )) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
و(( النَّاقةُ العُشَرَاءُ )) بضم العين وفتح الشين وبالمد : هي الحامِل . قوله : (( أنْتَجَ )) وفي رواية : (( فَنتَجَ )) معناه : تولَّى نِتاجها ، والناتج لِلناقةِ كالقابِلةِ للمرأةِ .
وقوله : (( وَلَّدَ هَذَا )) هُوَ بتشديد اللام : أي تولى ولادتها ، وَهُوَ بمعنى أنتج في الناقة ، فالمولّد ، والناتج ، والقابلة بمعنى ؛ لكن هَذَا لِلحيوان وذاك لِغيرهِ .
وقوله : (( انْقَطَعَتْ بي الحِبَالُ )) هُوَ بالحاءِ المهملةِ والباءِ الموحدة : أي الأسباب . وقوله : (( لا أجْهَدُكَ )) معناه : لا أشق عليك في رد شيء تأخذه أَوْ تطلبه من مالي .
وفي رواية البخاري : (( لا أحمَدُكَ )) بالحاءِ المهملة والميمِ ومعناه : لا أحمدك بترك شيء تحتاج إِلَيْه ، كما قالوا : لَيْسَ عَلَى طولِ الحياة ندم : أي عَلَى فواتِ طولِها .
7- عن أبي يعلى شداد بن أوس رضي الله عنه ، عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ : (( الكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ ، وَعَمِلَ لِمَا بعدَ المَوتِ ،
والعَاجِزُ مَنْ أتْبَعَ نَفْسَهُ هَواهَا وَتَمنَّى عَلَى اللهِ )) رواه الترمذي ، وَقالَ : (( حديث حسن )) .قَالَ الترمذي وغيره من العلماء : معنى (( دَانَ نَفْسَهُ )) : حاسبها .
8- عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قَالَ : قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم : (( مِنْ حُسْنِ إسْلامِ المَرْءِ تَرْكُهُ مَا لا يَعْنِيهِ )) حديث حسن رواه الترمذي وغيرُه .
9- عن عُمَرَ رضي الله عنه ، عَنِ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ : (( لاَ يُسْأَلُ الرَّجُلُ فِيمَ ضَرَبَ امْرَأَتَهُ )) رواه أبو داود وغيره .
|