السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله والصلاة والسلام على رسولنا وحبيبنا ونبينا محمد عليه الصلاة والسلام وعلى آله وصحبه أجمعين
مساء معطر بعطر الأمهات الطاهر لكم أحبتي مشرفين وأعضاء هذا المنتدى الكريم
أستسمحكم عذراً أعزتي بأن أبحر بكم في آخر ماخط قلمي المتهالك من مواقف تمر بي بالحقيقة واترجمها لكم
كمواضيع أو مقالات أو ماشئتم تسميتها من أسماء ...
فالذي يشرفني هو أن تقع أعينكم حفظها الله لقراءتها أو قراءة بعضها فهذا يعني لي الشئ الكثير
الحقيقة أحب أن أبحر بكم في بحر عشته للحظات بما أني عشته حقيقة ولكني أحسست أني بحلم مؤلم رائع غريب عجيب
هناك مكان بحياتي عندما أكون به أحس أني وضعت الدنيا بين يدي ومع أني ملكت الدنيا ففي نفس الوقت أنسى
الدنيا بكل مافيها لأني أرى أمي بهذا المكان ويكفيني سماع صوتها واشتريه بكل ما أملك ......
لنبحر سوياً في خضم هذا الموقف ..
عندما كنت عند أمي وكأني طفل صغير تمسح بيدها الطاهرة على راسي .... واستمع لكلامها الكلام الذي أتعلم منه
فكل شئ اتعلمه يكون من أمي الغالية فلا تمر عدة جمل ألا يكون خلفها ( مثل ... حكمة ... بيت شعر .... الخ )
وبينما كان راسي بحضن أمي وأنا أغفو كالطفل ويصيحني ضميري وكأنه رش علي الماء البارد وينطلق لساني
بسؤال
( يمه يمه يمه يمه )
فيأتي صوتها يزلزل كياني يتغلغل بأعماقي ( لبيه ياولدي )
( يمه راضية علي أنتي ...؟؟)
(وارفع نظري إليها وهي تبتسم وتقبل راسي راضية ياولدي )
هناااااااااااااااااااااااااااااااا هناااااااااااااااااااااااااااااااا هنااااااااااااااااااااااااااااااااااااا
أتمنى أن اصرخ بفرحتي من هذا الجواب
صوووووووووووووووت الهاتف يأتي إلينا أقوم من عند أمي لكي أرد على الهاتف ..
إليكم تفاصيل المكالمة وهي مزج بين العامي والفصيح ( العذر منكم مقدماً )
أنا : نعم
الطرف الآخر: السلام عليكم .
أنا : وعليكم السلام ورحمة الله
صوت رجل كبير نبرة كبار السن وتناسق كلامهم وترتيبه دون تصنع بادرني بالحفاوة دون توقف ..
شلونك عساك بخير ولم يترك أحد أبي أمي أخوتي جميعاً إلا وسأل وكان سلامه حار جداً
وسأل عن أبي قلت له أنه خارج البيت
وأنا أحاول أن التقط صوته لكي أعرفه ولكن لم أستطع لأني احسست بالاحراج فهو يتحفى بالسلام وأنا لم أعرفه
فكنت أريد أن ابادره بالسؤال من معي ؟
فبادرني أنت أي واحد من عيال فلان ؟؟
قلت : له أنا فلان ... ونعم ماشاء الله
اخذنا الحديث قليلاً ..
فسألني كم عمري
اجبت بعفوية عمري كذا
انقطع صوت الرجل سكت قليلاً
هنا وبهذه اللحظة انصدمت وصدمتي قوية
اتدرون لماذا انصدمت !!
عندما كررت كلمة الووووووو الوووووووو لسكوته
أجابني بكاء هذا الرجل الكبير بالسن
لقد بكى لماذا .......... لماذا بكى هذا الرجل عندما سمع عمري لا أدري .....
عشت لحظات صعبة وأنا أسمع بكاء رجل كبير بالسن لا أخفيكم أني نزلت دمعتي وأنا استمع للحظات لبكائه قبل أن
يرجع صوته لي ويحدثني .... أصبحت لا أعرف هل أشاركه بكائه أم اسأله عن البكاء ..
حمّــلني سلامه الحار لأبي وأمي وأخوتي ..... أدركت أنه سوف ينهي المكالمة ..
فبادرته بعد أن أضاعني بكائه ( يبه يبه يبه من أنت؟؟) لقد عودني أبي وأمي أن أنادي اقاربنا من كبار السن فالرجل
أناديه ( يبه ) والقريبة ( يمه) لكبر مقدراهم ومقدار كبار السن
قال أنا فلان بن فلان ..
انتهت المكالمة
كنت الاحظ أمي وهي تراقبني وأنا اكلم الشخص بالهاتف وأرى على وجهها عبارة التعجب ...
وكأن وجهها الكريم يعكس تعابير وجهي أثناء المحادثة
أنتهت المكالمة وأنا كأني بحلم
قالت لي أمي :: من اللي يكلمك ؟؟
قلت فلان بن فلان
اجابتني ونعم ونعم وسبعة انعام
يمه يمه الرجال يوم قلت له عمري بكى بكى ... ليه
قالت هذا الرجل اللي ماينسى رفيقه مهما بعدت المسافات ودارت الدنيا بكل احوالها ..( عندما سمع صوتك تذكر ماضيه
المشرق مع ابيك وماضي أبيك المشرق معه)
وذهبت أمي تحدثني عن قصص وسوالف أبي وهذا الرجل ...
ركبت سفينة الماضي مع أمي وهي تقود دفة السفينة
وأنا كأي شخص تخالجه الغرابة وروعة البحار والأحساس بالخوف الغريب الممزوج بالأبتسامة لروعة ما أراه وأسمعه
من كلام
عن صدق الرجال بالماضي والرجولة وقصصها ..
الصدق وحفظ واكرام الضيف الشجاعة النبل .... ........ الخ
( حدثتني أمي عن أمواج الماضي )
الموج الأول :
( مجالس الماضي ) ....
كيف كانت المجالس لا يقال بها ألا الحكم والقصص وكانت المجالس مدارس للصغار
عندما يستمعون للكبار وينهلون منهم المفيد حتى أصبح الصغير يصبح رجل وهو بعمر صغير وعندما تتحدث للصغير
كأنك تتحدث لرجل كبير لأنه خريج مدرسة تسمى بمجالس الرجال .... وعندما يجتمع الرجال بالمجلس يتناقلون الأخبار
والسؤال عن الناس البعيدة كيف أحوالهم وحالهم .... وكل رجل يقوم باصطحاب أبنائه حرصاً منه ليتعلموا منها ....
وغير هذه الفوائد من مجالس الرجال في الماضي ....
وتقول أمي الآن ترثى المجالس قلت كيف ( يمه )
قالت أصبحت المجالس شبه مهجورة مغلقة لا تفوح منها رائحة القهوة العربية ورائحة العود والحطب ولم تعطر الشوارع
بالرائحات الرائعة ..
فأصبح إغلاق هذه المجالس ..... مردودها على الأبناء فأصبح الكثير من الأبناء لا يعرف حتى يقوم بادخال الرجال للمجلس
يجلس الضيف عند الباب حتى يمل .... وعندما تسأل الأبن كيف حالك يقول لك ( زين ) شلونك ( يقول لك ( زين )
حتى كلمة الحمد لله قليل من يعرفها حتى كلمة أتفضل لا يعرف ....
وذكرت أمي لي قصة كشاهد تقول أحد الأشخاص طرق باب بيتهم ذهب لفتح الباب إذا بالرجال يقفون عند الباب سألوا
أبوه قال دقيقة رجع مسرع لأمه يمه رجال يسألون عن أبوي ماذا أقول لهم >>>> الكلام لي ( لا أعرف ماذا يريد من أمه
هل تقول له اربط خصرك وارقص عندهم على حبة ونص ( 
) شئ مؤلم فعلاً ..
الموج الثاني
الأهتمام بالآخرين تقول أمي كانت الظروف تحتم على الرجل السفر لطلب رزقه فوالله كان يذهب الرجل
وهو لا يأتيه ذرة محاتاة على أهله فعندما يسافر ..... يتسابق الرجال من الأقارب والجيران لبيت هذا الرجل وسؤال أهل
البيت أو الأبناء ماذا ينقص البيت من حاجات ولا تنام أعينهم إلا وهم متاكدين من البيت لا يحتاج أو ينقصه شئ ..
ويحافطون على هذا البيت لأن يرجع صاحبه ويرى أهله وهم بأحسن حال ... ونحن بزمن وتقول أمي آه البيوت لا تريد
أو حاجات دخيل الله البيوت تعرف ..... من اللي يسكنها فأصبح الجار يسكن ويذهب وهو لا يعرف جيرانه لا قيام بواجب
جار أو اكرامه حتى ..... وأصبح الساكن الجديد تريد أن تقوم بواجه فتواجه سيل من الأعذار غرائب وربي ..
عندما يكون هناك عشاء يجتمع الناس عند صاحب العشاء الرجال والنساء والأبناء تلفهم المحبة والصدق والوفاء
كان كل جار يبعث للجار أي أكل يقوم بيته بطبخه ...
الموج الثالث
قد يكون غريب ولكنه واقع تقول أمي كان بالسابق تحتم بعض الظروف بسبب
بيئة البادية أن تسافر
فلانة من الناس مضطرة إما مع الأبل والغنم وكان يتشاركون البدو في الرحيل والنزول للبحث عن المراعي والأراضي الصالحة للرعي ...
فكانوا الرجال يبذولن النفيس حتى لو وصل الأمر أن يفقد المرء دمه حتى يحافظ على هذه المرأة حتى تصل للمكان
المنشود وهي بكرامتها وعزتها دون أن يمسسها مكروه.....
حدثتني كيف يبدي الرجل صاحبه على نفسه ...... هنا انطلقت زفرات أمي آآآآآآآآآآآآآآآآه ياولدي من زمننا وزمانكم ...
الآن وهنا ليس للتعميم ولكن لا الوم أمي أن تقول زماننا وزمانكم ولكن مما نسمعه الآن من مصائب وغيرها تشيب لها الرؤوس ...
فاصبحت اسأل نفسي هذا رجل يكلم ليسأل ويتذكر ويبكي ..... وهنا زمن يموت الغالي والصاحب ونستكثر عليه دمعة ..
قد ننزلها لمسلسل خزين بالتلفزيون ..
هناك حفاااااااااااااااااااظ ومحافظة على شرف الناس ..... وهنا يسافر الشخص وهو قلبه يبكي خوفاً على أهله ..
حتى لا أخفيكم اصبح الجار يخاف من جاره ... والعياذ بالله ..
الحقيقة الأمواج كثيرة فخضتها وكل الأمواج عندما تلتطم ببعضها البعض تخرج لنا رائحة عبقة من روائح الماضي ...
لا يسمح المقام لذكرها ولكن .................
لا أريد أن أطيل عليكم فالبحر وهو بحر الماضي الذي ركبت مع أمي بسفينه وابحرنا في في الماضي من قصص
وحكايات يطول بنا الحديث بها فلو أطلنا فيها لبكينا فعندما نسمع الماضي فسوف يجعلنا نبكي الحاضر المؤلم ..
لا يسعني ألا أن أقول لكم أترككم الآن برعاية الله
واهديكم تحياتي الصادقة والأخوية المعطرة برائحة الماضي الجميل
وإلى موضوع آخر نلقاكم على المحبة والتقدير ..
..
24-04-2006, 11:41 AM
عندمــا أبكــاني الموقــــف !!
العرض العادي
