بسم الله الرحمن الرحيم
بعد السلام والتحية .. قرأت هذا الحوار الشيق جدا مع سمو الأمير عبدالرحمن بن مساعد
حوار : محمد الخضيري
مساء الخير والإحساس والطيبة .. او مساء يوم الأثنين .. او مساء عبدالرحمن بن مساعد بن عبدالعزيز .. او مساء مايليق الا بقراء فواصل ..
كنت قبل هذا المساء , احترمه واحبه .. اما بعد لقائه هذا المساء .. فأصبحت احبه واحترمه واحترمه واحبه .. اكتشفت في سموه من خلال هذا اللقاء صفات لم اعرفها من قبل .. او لأقل لم اكن اعرفها جيدا .. اكتشفت فيه القوة .. الصبر .. الثقة .. كصفات اصيله ومتجذرة في شخصيته ..
ادركت كيف استطاع هذا الشاعر ان يكسر الصورة النمطية السلبية عن الشعراء على مستوى المسؤولية والعمل الإداري .. فها هو الشاعر عبدالرحمن بن مساعد اليوم .. قائد فذ .. اداري عقلاني .. وعلى قدر كبير من المسؤولية ..
بهرتني خفة ظله .. وامتلاكه لحس الدعابة .. فهو الساخر حتى النخاع .. الساخر حتى من نفسه احيانا!
حاد الذكاء .. ولكن .. طيبته مزمنة .. وقلما تجتمع في رجل حدة ذكاء وغزارة طيبة .. وادرك جيدا بإن من اجتمعتا فيه .. هو بالضرورة رجل (حساس) الى حد بعيد .. اي لا يدع شاردة او واردة الا وقد التقطها وحللها وفهمها .. فإن كانت ايجابية فسيحتفى بها بكامل بهجته .. وان كانت سلبية .. فطيبته بالمرصاد لردة فعله ! ..
ولذا فقد قلت له منذ البداية بأن هذا الحوار سيكون بمثابة الإستراحة لسموه .. اذ هو الخارج لتوه من معارك اعلامية رياضية منهكة؛ .. فأهم اهداف هذا الحوار هو ان نستمتع ونمتع .. سنمزج فيه الشعر بالرياضة او الرياضة بالشعر .. او لنقل بأننا نبحث عن تسجيل اهداف شعرية ..
وافقني بحماس وحب .. ابهجني من الداخل .. الى درجة اني خشيت ان (ازودها).. فأقع في منطقته الخطرة .. اعني مابين ذكائه وطيبته .. ولا ادري .. ربما اكون قد وقعت دون ان اشعر .. فطيبته كانت حاضرة ووافرة .. ولكن من يدري ربما انها قد كانت احيانا بالمرصاد ..
وبعيدا من هذه الوسوسة الطارئة .. بادرته قائلا :
-الان وسموك في عمق الوسط الرياضي بصخب اعلامه وضجيج جماهيره يلح علي سؤال صغير من كبداية .. بالله ما اشتقت لوسطنا الشعري ؟ .. لإعلامنا ؟ .. حيث الشاعرية .. (الادب) .. الشغب الصحافي البرئ ..انزال الناس منازلهم ؟
يجيب مبتسما : اكيد بكل تأكيد , وانا بالمناسبة في الفترة الماضية كنت اكتب كثيرا ولكني لم اكن انشر , فأنا احتاط للقادم و (مجهز) لاعود ان شاء الله بقوة لساحة الشعر عندما اترك الوسط الرياضي (يعني فيه ذخيرة كافية).
ولكن بكل تأكيد الوسط الشعري امتع واكثر هدوءا واقل مسؤوليات ؛ والشعر يعتبر مسؤولية تجاه نفسك فقط وما تفعله ترى نتيجته مباشرة امامك حتى وان كانت سلبية .
فلو فرضنا اني كتبت شيئا ولم يعجب احد فالقصة تنتهي عند هذا الحد , بينما في الرياضة وكرة القدم ورئاسة ناد مثل الهلال يكون مصيرك مرتبطا بـ: 11 لاعبا في الملعب , واذا ما قرر احدهم ان يطرد تضيع كل جهودك , فالامور اكثر تعقيدا خاصة عندما ترأس ناديا مثل الهلال صاحب الجماهيرية الطاغية التي لا تقبل الا بالمركز الاول وهذا ما يؤكد ان الشعر اعذب واجمل وامتع ولكنه ايضا اصعب .
- طيب سمو الأمير ماذا عن اعلامنا بالمقارنة بالاعلام الرياضي ؟ (يعني هل حسيت بالفرق)..؟
يجيب على الفور ضاحكا (ياحبي لكم).. ويضيف : بالتأكيد هناك فرق هائل , فقبل دخولي المجال الرياضي كنت اعتقد ان الاعلام بشكل عام يمارسه اناس غير متخصصين في كل مكان , ولكن بالتأكيد في ساحة الشعر على الأقل , هذه المسألة ليست موجودة .
ولكن في الوسط الرياضي فبإستطاعة اي كان دخول الوسط وان يفهم في الكرة !! وفي مقدور اي كان ان يمسك قلما ويكتب مقالا وينظر!! وهذا بالطبع لا وجود له في ساحة الشعر مما يجعلها اكثر راحة اعلاميا او دعني اقول اذا كان الواحد منا يريد ان يكون متشائما سيقول : اقل سوءا بكثير , اما اذا كان متفائلا فيقول : احسن بكثير .
-قشعريرة .. رجفة برد .. اسنان تصطك .. كل هذا ينتابك قبل الظهور امام جمهور امسية تقيمها تعداده لا يتجاوز 7000 ولكن في المقابل تظهر ثابتا كجبل امام جمهور مباراة يلعبها الهلال حتى وان وصل تعداده الى 70 الفا .. كيف تفسر هذا التباين ؟
اذا اردت الصدق فهذا الثبات الظاهري , فأنا اخذ كل شئ على اعصابي , فانا لا اعرف الدخول في امر ما حتى اعطيه كل اهتمامي وكل طاقتي , لذلك دائما ما تجدني اخذ الامور على اعصابي اكثر مما ينبغي وفي كل شي وبالمناسبة هذا احد عيوبي , وكم كنت اتمنى لو انني استطيع ان الفصل ما بين قبل وبعد اداء العمل عن العمل , ولو تلاحظ في الغرب في اوربا وامريكا تجد اناسا على مستوى عالٍ .. الإجازة عندهم هي اجازة بكل معنى الكلمة .. فهم في اجازتهم او في (الويك اند) يتركون كل شئ خلفهم ليتمتعوا بإجازتهم , فيما انا لا اعرف فعلا ذلك , فأنا عندما ارتبط بعمل يصبح هو كل هاجسي الأول ؛ وهذا مرهق بكل المقاييس ..
ولكن عندما اكون في الملعب مثلا .. وهذا الامر اكتسبته بالخبرة لاحقا اي بعد خولي الوسط الرياضي .. فتجدني ثابتا ظاهريا , ولكني في الحقيقة على اعصابي اذ قد تسلط عليك اضواء الكاميرات في اية لحظة , اي انك مراقب بشكل اوبآخر , فلذلك من الضروري ان تكون لديك القدرة على التحكم في اعصابك , وعدم اظهار انفعالاتك كما هي , لان ظهورها كما هي سيعني بالتأكيد ان الصورة الوردية الموجودة لدى البعض ستتحول الى صورة سوداوية .
- النصروايون من جمهور الشاعر عبدالرحمن بن مساعد , تعتريهم اتجاهك في السنتين الأخيرة مشاعر متناقضة ومتبعثرة .. هل من كلمة من سموك تعيد ترتيب مشاعرهم؟
(نعم صحيح مشاعرهم هالسنتين تجاهي متأرجحة) ويضيف : الإخوة سواء في نادي النصر او الإتحاد او غيرهما من الفرق الأخر اعتقد اني لم اسئ لأي منهم او لأنديتهم ولم يسبق لي ان انتقصت منهم , وحتى عندما تكون هناك امور تجعل الصراع حتميا بين مواقفنا ومواقف نادي النصر وكذلك مواقفنا والإتحاد ازعم انه كان لدي الحد الأدنى من الإحترام للجميع ولا يمكن بأي حال من الأحوال الإساءة لأحد , بل اقصى ما يمكنني فعله هو رد الإساءة بمثلها . وهذا اقصى ما يمكن ان يحدث وفي كثير من الأحيان , اتجاوز الإساءات حتى لا اقحم نفسي في دوامة صراعات بيزنطية .. هذا بشكل عام .
اما فيما يتعلق بالجانب الشعري فأعتقد انه في نهاية الامر ان ذاكرة جمهور كرة القدم هي ذاكرة قصيرة سمكية فإذا ما حققت انجازا طاروا بك ولك فرحا .. واذا ما حدث العكس وكان الإخفاق , جلدوك بسياط النقد بقسوة , وبالتالي : فأنا على يقين بأنني متى ما تركت الوسط الرياضي فستعود الأمور الى ما كانت عليه ولا اخفيك : ان الكثير من اصدقائي نصروايون واعتقد انهم ما زالوا يحبونني كشاعر ربما لأنهم من اصدقائي ايضا .
وحتى اولئك المتعصبين لأنديتهم تصلني منهم رسائل يقولون فيها ( يا اخي انا احبك كشاعر بس يا ليتك ما صرت رئيسا للهلال), فأحمد الله ان المحبة ما زالت باقية وانا اعتز بجميع من يستمع او يتذوق ما اكتب ايا كان انتماؤه , فالشعر لا علاقة له بالكرة ولذلك من المستحيل ان اقدم على كتابة قصيدة في الهلال او ما شابه ذلك , لانني افصل الشعر تماما عن موضوع الهلال , فأنا شاعر للجميع ولكنني رئيس الهلال , ومن المستحيل تجدني اكتب قصيدة وانا رئيسا للهلال اتحدث فيها عنه رغم قدرتي شعريا على ذلك كوني الأقرب للوضع , فأنا قادر على كتابة الشعر في الهلال ولكنني افصل هذه المسألة , وربما كان الامر مقبولا قبل تولي رئاسته , ولكن كما ذكرت لك فأنا افصل الشعر تماما عن هذه الامور .
- عند الهلاليين غالبا ما يوصف سموك بالمثالية واحيانا في سياق انتقاد لا ثناء هل ستقول ايضا لمن يصفك منهم بالمثالية .. "صدق اني ماني الشخص المثالي" ؟
ام ستقول "والا تدري لاتصدق" ؟
صحيح , ولكن دعني اوضح لك شيئا: هنالك آية في القرآن الكريم تقول( اخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون) عندما يصبح التطهر جريمة تستدعي اخراج الناس من القرية فهذا نفس الشئ , فإذا كانت المثالية شيئا انتقد فيه فأنا جد سعيد لذلك , وفي نهاية الأمر اعتقدر انك تستطيع الحصول على ما تريد بطريقة لينة ويسيرة كما يأمرنا رب العالمين ( ولا تستوي الحسنة ولا السيئة , ادفع بالتي هي احسن, فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم), والأمور كلما اتت بسهولة ويسر وبالطريق الأحب والبعيد عن الصدام كان ذلك افضل . فمبدئي هو ابداء حسن النوايا ومد يدي للآخر مهما اختلف معي , بالطبع هذا الكلام يبدو مثاليا ولكن هذ ما احاول فعله . وقد لا افعله احيانا تحت وطأة ظروف ومتغيرات بعينها وتحت وطأة ظروف نفسية سيئة احيانا وقد اخطئ في حق احد , وفي النهاية انا لست شخصا ملائكيا , ولكن كل ما اريد قوله هو انني احرص على ان اكون مبادرا للخير اكثر من الصدام , الا اذا بلغت مرحلة ايقنت فيها ان بعض الأشخاص لاينفع معهم الا المواجهة والصدام , والقرآن الكريم يقول( وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين ) وبالتالي فالمسألة بالنسبة لي واضحة ولا جدال فيها .. وفي النهاية ان كان هذا عيبا او مدعاة للإنتقاد فهو عيب يسعدني جدا ..
كان تفاعل الأمير وتجليه في الجزء السابق (الأول) من الحوار سيكون بمثابة استراحة المحارب .. ولذا ففي هذا الجزء سأتوغل في الزعيم وزعيمه .. لا بحثا عن الفوز .. ولكن حفاظا على النتيجة .. بغية الوصول الى اجابات ترجيحية .. بدأت :
- تفتح الجريدة في الصباح .. وترى مقالين حولك .. الأول يذم مستوى الهلال هذا العام .. والثاني ينتقد قصيدة لسموك .. بأيهما تبدأ ؟
بالتأكيد سأبدأ بالقصيدة .. ولكن دعني اقول على المرء وبذات القدر الذي يقبل به مدحا مبالغا فيه ولا يستحقه او من شخص يحبك و (مزودها) حبتين .. عليه ان يقبل نقدا قاسيا حتى وان كان لا يستحقه .. وذلك لتكون المسألة متوازنة , اذ لابد من التحمل .
- " يطول الوقت ما اخطي
واذا اخطيت كل شئ بان "
لو طبعناها كشعار على فانيلة هلالية .. من ترشح من اللاعبين لإرتدائها ؟
يجيب ضاحكا : (والله البسها انا)..
- لا ياطويل العمر.. رشح لي لاعب .. ماينفع تلبس فانيلة لاعب ..
(لا انا البسها واقولك ليش) .. او دعني اقرب المعنى : اي اخفاق في الرياضة عموما يكشف كل تاريخ اخطائك او ما يعتقد انها أخطاؤك او ما هو قريب من الإعتقاد بأنك أخطأت فيه فتبدأ الناس تنظر اليك وتقول: (انتم سويتوا وعملتوا وفعلتوا) .. وفي المقابل تط نوعية أخرى وتقول: (إحنا قلنا لكم وحذرناكم وكذا) فكما هو معروف فمن السهل ايجاد اسباب الكارثة بعد حدوثها فيما لا احد يتنبأ بها قبل وقوعها وهذه هي المشكلة .. لذلك .. فأنا من سيلبس هذه الفانيلة .
- المفروض اني ما اتوقع اجاباتك .. لكن بصراحة.. وضعت السؤال السابق تحديدا وانا في بالي لاعب محدد يستحقها .. وكنت متوقع انك بتذكره على طول ؟!
لا والله مافي بالي احد .. قل لي انت من تقصد ؟
- أسامة هوساوي طبعا ..
اسأمة ؟ صحيح هو طبعا لا يخطئ طوال الوقت ولكن لا شك عندما يخطئ لاعب ونجم في قامة أسامة فحتما ستكون غلطة الشاطر بعشرة , وقد قلت من قبل ان اسامة هوساوي ينطبق عليه شعريا وبما اننا في مجال شعري بيت المتنبي القائل :
(ولم ارى في عيوب الناس عيبا
كنقص القادرين على التمام)
فغلطته بالفعل تسلط عليها الأضواء كثيرا ولكن في مقابل هذه الغلطة قدم اشياء اكثر مما هو مطلوب منه وانقذنا من كوارث كروية .
- طيب .. لاعب اجنبي تتمناه في الهلال .. ولكن في داخلك تقول له بحسرة (بيني وبينك سبعة ارقام وجفا).. من يكون ؟
يردد ضاحكا (معك حق كثير كثير) .. ويواصل ؛ المشكلة ان كل المميزين صاروا سبعة ارقام وجفا , و (سبعة ارقام وجفا) كتبتها في الماضي , وبالفعل .. كأن التاريخ يعيد نفسه ولكن بأرقام أخرى ولكن نظرتي حول اللاعبين الأجانب فهي : اذا لم يكن في مقدورك احضار لاعب اجنبي يضيف للفريق ويفوق اللاعبين السعوديين مستوى فلا داعي لذلك , أعني ليس من الضروري احضار لاعب اجنبي لمجرد ملئ خانة والسلام , فأنا ضد نظرية (البطيخ) في اللاعبين , فلا بد من ضم لاعب له تاريخو اسم ووفق احتياجات مدرب الفريق , واذا ما نجح وتأقلم ستكون قد قمت بالمطلوب , فأنا ضد نظرية (هذا شكله حليل .. خذه وجربه), فهذا قد ينفع مع اندية الوسط والأندية المتأخرة ولكنه لا يفيد الأندية التي تطمح الى حصد البطولات , اما من يقول( الهلال شيل منه اجانبه الأربعة المحترفين ويفقد قوته) فهو يكره الهلال ويريد الإساءة له ورغم ان هذ االكلام غير صحيح .. الا انه يدل بجلاء على ان اختيارنا للاعبين الأجانب كان موفقا ومدروسا .. الا اننا للأسف مضطرين لأن نكون بـ(سبعة ارقام وجفا) وهذا ما سبب جفاء بيني وبين من يحبونني كونهم يعتقدون ان هذه الأرقام السبعة ربما تصرف في امور تفيدهم اكثر .
- على ذكر اجانب الهلال .. سبق وان التقيت بـ ولي ورادوي في مناسبة اجتماعية .. ولفت نظري في الأثنين شي لا تجده عادة في مغترب او اجنبي .. اذ شعرت بأنهما يتعاملان مع الآخرين وكأنهما (راعين محل) ولا يشعران بأي غربة .. ان شعوري صحيحا .. فما تفسيرك ؟
شخصيا ومن طبعي وكذلك الأمير نواف بن سعد , لم اعمل في عمل الا وتنشأ من خلاله معاملة انسانية متميزة بيني وبين من اعمل معهم على جميع المستويات واغلب من تعاملت معهم تحولوا الى اصدقاء بشكل او بآخر , ولو تلاحظ فإن اغلب المدربين الذين يأتوننا ويغادرون دائما ما يقولون كلاما طيبا عن الإدارة وعن البلد , فأنا اعتقد ان العلاقة الإنسانية الحميمة خارج اطار العمل تجعل الأمور اكثر فائدة , فمن هذا المنطلق تعاملنا مع الجميع حتى اللاعبين الأجانب , حيث تحاول بناء علاقة انسانية معهم ليكونوا سعداء ويشعروا بالراحة خلال اقامتهم في البلد ويأخذوا انطباعا جيدا عنه , فاللاعب او المدرب او اي شخص مالم يشعر بالراحة فلن يقدم لك ما تريده من عمل .. فمعك حق فعلا .. رادوي وويلي .. وحتى لي يونغ ونيفيز لا يشعرون ابدا بالغربة .
- سمو الأمير .. في السابق حظي يوسف الثنيان بلقب الفيلسوف.. اليوم من يستحق لقب (الشاعر) من نجوم الهلال ؟
المسألة صعبة , ولكن يمكنك القول بأن الفريدي هو الشاعر .. لأنه يأتي بما هو غير متوقع , احيانا حتى عندما يطرد جراء تصرف عنيف يكون قد اتى بما هو غير متوقع , ولذلك هو لاعب مبدع بالفعل وينبغي ان نقبله بكل ما لا يمكن النتبؤ به سواء كان سلبيا او ايجابيا , ولأنه للإبداع اقرب يجب التعامل معه كفنان بمعنى شاعر , حتى أخطائه هي حافز لإبداعه , يعني (فيه شعر) اي أخذ هذه الميزة من الشعر , فالفريدي هو الشاعر .
- ياسر القحطاني سمعنا انه يكتب الشعر .. عندك علم ؟
لا والله ماعندي علم ..
- طيب .. لو اتاك واستشارك في قصيدة .. وكان مستواها (موب بالحيل).. ماذا ستقول له ؟
اذا كان مسجل اهداف كثيرة بأقول له ؛ هذه من اروع القصائد التي سمعتها (يطلق ضحكة عالية).
هـنـا الـشـعـر
بعد القسم الثاني .. داخلني شعور بأن الأمير عبدالرحمن .. اصبح اكثر ارتياحا وانفتاحا .. وربما لأني كنت مبتهجا سعيدا فإني قد شعر بأنه هو ايضا كذلك.. ولذا .. كان لا بد من الدخول الآن في الشعر .. فهو عبدالرحمن بن مساعد..
لم اسأله عن استراتيجاته وخططه الشعرية فقط .. بل ايضا عن تكتيكه الشعري في كتابة القصيدة .. ومن الملفت في هذا الجزء تحديدا .. ان الأمير القى بـ(شماغه) جانبا ..وطلب ايقاف التصوير ! .. مما ابهجني اكثر واكثر .. ففعله هذا .. كان يعني بالنسبة لي تحطيم آخر معاقل (الرسمية).. وكأني سمعته -وهو يلقي شماغة- يقول بلسان حاله لا مقاله ( ايه .. الحين بدا الشغل).. ولذا .. فقد ادركت جيدا ماذا يعني الشعر للشاعر عبدالرحمن بن مساعد .. اليكم ما دار :
- ديوان نبض الشوارع تأخر كثيرا .. ما سبب تأخيرك لإصداره ؟
معك حق , هنالك عدة اشياء اعكف عليها حاليا وان شاء الله في العام القادم سيكون الديوان قد صدر وكذلك الموقع والأمسيات ستعود بإذن الله , وكان من المفترض اقامة أمسية في العام الماضي بطلب من الإخوة في روتانا ولكن دخول والدي اطال الله في عمره الى المستشفى قبل الامسية بأربعة ايام اضطرني للإعتذار عن الأمسية في وقتها المحدد , وفي نفس الوقت وكما يقال بأن (صاحب البالين غير صادق) , فهذه السنة تحتاج الى جهد مضاعف في الهلال والسنة القادمة ستكون آخر سنة لي في الرئاسة وعندها ستكون الأمور والإهتمام بالشعر أكبر او بمعنى آخر سيأخذ الجيز الأهم .
- معظم قصائد سموك تكتبها وانت مسافر خارج المملكة .. معظم قصائدك كذلك تكتبها في نهاية يومك وانت مرهق على مشارف نوم .. هذه الإستثنائية في مكان الكتابة وفي زمانها ايضا .. هل لها علاقة بإستثنائية نصوصك ؟
لا ادري .. ولكن .. فعلا .. فعلا؛ غريب انا اكتب في وقت اقول ليس وقتك , فعندما اود الخلود الى النوم تجدني اقوم لأكتب , لا أدري هل حالة اللاوعي والواحد منهك وتعبان .. ؟ اقصد : عندما اكون مرهقا بدنيا واريد الخلود الى النوم .. هذه الحالة هل لها علاقة ؟ لا ادري هناك سر غريب بالفعل وهو: متى وكيف ولماذا ؟ فأنا حتى الآن لم أجد له إجابة ..
ولكن انا دائما ما اقول ان الفرق بين الشاعر او الفنان وبين غيره هو انه ينتبه الى التفاصيل الصغيرة ويختزلها في داخله وتترسخ داخله بكميات وتخرج منه فجأة فكرة تبدأ تؤرقه , فالفكرة الجديدة تقدم لك مطلع قصيدة واذا ما وجد المطلع فحتما سيحدث شئ .. حتما سيحدث المخاض .. فبالتالي عندما تذهب للنوم يصبح ذهنك صافيا وليس هناك الا تلك الفكرة التي تبدأ تزن في رأسك وهي تقول( خلصني .. قوم فكني منك).
- اذا سمح لي سموك انا عندي تصور وهو طبعا ليس للنشر لأن جئتك لأسأل لا لأجيب ! .. ولكن ربما يكون تفسير لهذه الحالة ولعل سموك يوافقني عليه .. وهو ان الشعر عمل روحي ولكن تقوى الروح لابد ان يضعف الجسد ..
يرد فورا : " طيب عاد انا والله مصر انك تنشر التفسير هذا .. لاني اتفق معك فيه تماما .. صحيح .. صحيح .
- بالله ليتك تعفيني يا طويل العمر ..
لا لا.. لو سمحت حطها ..لا والله انا صادق .. لازم .
- تؤمن بمبدأ (خالف تعرف) في الشعر .. وفي الوقت ذاته.. انت منحاز في قصائدك للواقع على حساب الخيال .. كيف استطعت ان توفق بين الواقعية في طرحك الشعري وبين مخالفته للسائد ؟
بعيدا عن الصورة النمطية للشعر والمتعلقة بالخيال .. فأنا أرى انك عندما تكون واقعيا ويكون شعرك مرتبطا بالواقع فهذا لايعني انك تقول ( وطني أحبه وأحب وطني).. اقصد الكلام المباشر او كأنك تنقل نشرة أخبار , فالمسألة تختلف , اذ لابد من وجود طريقة فنية وأخرى شعرية , فعلى سبيل المثال عندما اقول في قصيدة كباريه "كل شئ حلو والضوء خافت" في الكباريه كل شئ حلو والضوء خافت .. هذه صورة مباشرة ولكن في حقيقة الامر ايضا تجدها صورة بعيدة .. ففي السياسة - مثلا - كل شي حلو والضوء خافت .. في الصحة كل شي حلو والضوء خافت .. وهذا ينطبق على كل شئ .. اذا كيف تجد المعنى المباشر الذي يرمي الى المعنى البعيد .. لاتنظر لما يعكس الواقع بمنعزل عن الطريقة التي اكتب بها .
وبالتالي ان على يقين بأن (خالف تعرف) في الشعر هي سمة أساسية , فإذا قلت مثلما قال غيرك , او كتبت على نسق غيرك , فبالتأكيد لن تعرف وسيعرف غيرك .
- سمو الأمير .. من هم شعراؤك المفضلون ؟ اتمنى ان تذكر لي اكثر من اسم.. وان كنت اعرف ان هذا الأمر سيوقعك في بعض الإحراج ؟
بالنسبة للشعراء .. لا زالت آرائي كما هي .. المشكلة اني لا اريد الدخول في قائمة تعداد الشعراء .. إذ بالتأكيد سأنسى أسماء .. ولكن سأقول الثلاثة اللي في بالي الآن وهم (بدر بن عبدالمحسن وفهد عافت وتركي حمدان العنزي).
- بين ثقافة دين وفكر فلسفي .. يظهر الأدب الساخر , كمقوم اساسي من مقومات تجربة سموك الشعرية , بل ان السخرية متجذرة حتى في شخصيتك الإنسانية.. ألم يفكر سموك في توظيفها ايضا على مستوى النثر ؟
دعني اقول لك شيئا : راودتني فكرة كتابة رواية ولكن في ظل الحمى التي اجتاحت الروائيين خففت من حماسي ووجدت ان المسألة اصبحت موضة , يعني حتى تصنف ضمن النخبة يجب ان تكتب رواية !! هذا ليس بشكل عام ولكن مجرد احساس شعرت به , لذلك فضلت عدم خوض هذا التجربة , خصوصا واني اطلعت على بعض الروايات ووجدت ان الواحد يكتب قصته او سيرته وتصبح رواية !! ..
لا ادري انا ارى انني لا استطيع الدخول في مغامرة غير محسوبة العواقب فيما يتعلق في الأدب , ومالم تكن لدي كافة المفاتيح والأدوات فلا اود تغيير الإطار بل افضل البقاء في الشعر, وبالمناسبة كثيرون قالوا لي : لماذا لا تكتب مسرحا شعريا ؟ ولمن اكتب مسرحا شعريا او شعرا مسرحيا ؟ واين سيتم عرضه ؟ .. وهل نحن لدينا مسرح اساسا ؟! حتى في مصر ولبنان تجد المسرح في اضعب حالاته تقريبا فما بالك عندنا في الخليج اعني ماذا تكتب ولمن ؟ .. وبالتالي ما لم تمتلك جميع الأدوات التي تجعلك ناجحا او مؤثرا فالأفضل الا تكتب .
سـؤال .. جـواب .. قـــرار
لا يمكن المرور على تجربة عبدالرحمن بن مساعد الشعرية .. دون ان توصلك .. الى الأغنية .. فهو من مبدعي القصيدة الغنائية على مستوى العالم العربي .. ذي ذائقة موسيقية عالية .. وصاحب رؤية فنية دقيقة وثاقبة ..ولذا .. تمحور هذا القسم من الحوار حول الأغنية .. وقد خص فيه الأمي مجلة فواصل بأمرين: الأول يتعلق بتعاونه القادم مع محمد عبده .. والثاني يتعلق بتوأمه الفني (صادق الشاعر).. سألته في البداية :
- بعد مهامك الرياضية .. اخذت تعاوناتك الفنية شكلا آخر .. ربما أكثر خصوصية .. آمال ماهر .. حسين الجسمي .. في تحيز لإمكانات الفنان اكثر من نجوميته.. ما السبب ؟
معك حق 100% ؛ أعتقد ان لدي نظرة في هذا الأمر ؛ هذه النظرة ربما ليست جماهيرية , فليس من طموحي كتابة عشرين قصيدة نبطية ليغنيها لي " س وص " من المطربين لتظهر في جلسات فنية على القنوات الفضائية مصحوبة برقصات فلكلورية وغيرها . انا لا اشعر ان هذا مكاني , فأنا لا زال مكاني في صوت محمد عبده في : شبيه الريح ومذهلة وربما كاظم الساهر وآمال ماهر كونها بالتأكيد صوتا قويا وجبارا .
وعلى فكرة ؛ كانت لدي فكرة طرح شريط بعنوان (نبض الشوارع) يحوي القصائد ذات الإطار الإنساني لتقدم كأغانٍ , اضف الى ذلك اغانٍ سياسية وقصيدة التمثال وقصيدة اربعين , وهذه ظهرت من خلال موقع "اليوتيوب" ولكن عندما يتم افتتاح موقعي على الانترنت ستجدون كل هذه الأشياء موجودة , بالإضافة الى تعاونات فنية جديدة قادمة , فهناك عمل مع الفنان محمد عبده في قصيدة (ماهوحب) واتوقع انه سيكون في المستوى المأمول لدى الجمهور .
- ومتى سنسمع (ماهو حب) ؟
تم تركيب الصوت وتم عمل اللمسات الأخيرة ومسألة متى ستظهر الأغنية .. هذه عند الفنان محمد عبده ..
واعود لما سبق واقول لك بان الاغنية بالنسبة لي على هذا النمط .. حتى لو لم يكن هذا زمنها .. فمن غير المقبول في هذا الزمن ان تكون الأغنية 17 او 18 دقيقة .. (كـ شبيه الريح , مذهلة , ماهو حب) ولكن بإختصار هذا انا .. او ان تختار صوتا غير عادي مثل نبض الشوارع والحرامي بصوت آمال ماهر ..
فالمسألة بالنسبة لي اصبحت نوعية واقدمها تحت مسمى ما اعتقد انه هو الفن من وجهة نظري بغض النظرعن جماهيريته او زمنه ..
طيب.. اسمح لي بتحفظ بسيط على قولك (ليس زمنها).. فأغاني مثل شبيه الريح ومذهلة .. قيل في وقتها ايضا ان هذا ليس زمنها .. ومع هذا عندما ظهرت حققت نجاحا كبيرا .. !
لماذا ؟ ..لأن هناك (فترينه)اسمها محمد عبده لازال يقبل منها هذه الأعمال.. فلو افترضنا ان محمد عبده قرر انه لن يغني .. من تعتقد يستطيع ان (يشيل) اغنية كشبيه الريح او ماهو حب ؟! الا لو استثنينا عبادي الجوهر وكاظم الساهر .. فالأغنية اصبحت مرتبطة بشروط تسويق اي ان يتم تصويرها وتظهر في جلسة فهذه قطعا لا تنطبق على شبيه الريح ومذهلة وحتى لا يمكن ان تعمل فيديو كليب لمدة 17 دقيقة لها . فهذه مرتبطة بالفنانين اذين يقفون على المسرح بالشكل لا اريد ان اقول الكلاسيكي او بمعنى ان يكون المطرب لديه قدرات مثل محمد عبده .. ومثل هؤلاء المطربين اصبحوا يعدون على اقل من اصابع اليد الواحدة ..
وبالتالي معك حق .. الأغاني التي ذكرتها قد نجحت ..ولكن السبب هو الفترينة .. فلو لم يكن محمد عبده هو المطرب ..انا متأكد بانه لن يستمع احد الى شبيه الريح او مذهلة .
- صادق الشاعر توأمك الفني .. هل هو مرتبط فيك دائما ؟
الى حد كبير نعم .
- .. اشوفه ابتعد .. حتى اني قلت شكله اشتغل في الهلال .. صحيح ؟
يضحك كثيرا : ايه هو الحين عضو مجلس ادارة في نادي الهلال .
- الم يلحن لشعراء آخرين ؟
سبق وان لحن لبدر بن عبدالمحسن وفهد عافت في مناسبات وطنية .. ويضيف ضاحكا .. ولكن هو فعلا من اعضاء مجلس الإدارة في نادي الهلال .
عـن الـزعـيـم وزعـيـمه
وخشية ان يلومنا البعض الرياضيون او الهلاليون في فواصل بأننا لم نستغل وجود الأمير معنا في هذا الحوار للحديث أكثر عن الهلال .. خصوصا وانا حوارنا هذا هو اول حوار للأمير بعد تراجعه عن الإستقالة .. لذا فقد آثرت ان يكون القسم الخامس والأخير حول هذا الأمر .. وكعادة الأمير عبدالرحمن طوال هذا الحوار بجميع محاوره واقسامه .. كان كريما معي في التفاعل والتجاوب بشكل اخجلني كثيرا ..فكان سؤالي الأول :
- ذكر فهد الغشيان بأن سموك قد علمه القرآن .. والحديث والأدب ؟ كيف تم هذا ومتى ؟
يجيب ضاحكا بشدة : (واضح انه ماكان مركز وانا اعلمه .. تعرف اللي ينوم في الفصل).
- بصدق .. كلامه لفت نظري .. خصوصا .. وانه من غير المستغرب عليك ان تعلمه القرآن او الحديث .. ولكن كيف ومتى ؟
اولا : فهد الغشيان انا احبه كإنسان وكلاعب , ولا اذكر انني قد فلت له (لا تكلمني) او شي من هذا القبيل .
- سمو الأمير دعنا من مكالمته .. نحن نريد ان نعرف : اين علمته القرآن والحديث والأدب ومتى ؟
(والله ما ادري).. ولا اذكر حتى انني تفضلت عليه بهذه الميزة ,فقد يكون قصده ان حديثي دائما ما يكون في هذه المجالات , فهو عندما كان لاعبا في الهلال كان دائما ما يأتيني وكانت مثل هذه النقاشات تدور في المجلس .. فربما انه يقصد في هذا الأمر .. فكثر خيره ان رأى ذلك .
- يعني يقصد ان استفاد كمتلق ؟
نعم اعتقد ذلك .. وفي نهاية الأمر انا اتمنى له الخير والتوفيق واتمنى من رب العالمين ان شاء الله ان يهدي نفسيته .. حيث من الواضح بأنه يعاني من ضغوط معينة .. انا اقدرها .. واتمنى الهداية لنا جميعا .. وان شاء الله يكون في احسن حال .
- واضح انك (ماحبيت ظهوره) ؟
صحيح ..(محبيت ظهور ابدا).. لأنه كان في حالة نقمة شديدة على كل شي .. فعندما تكون رافضا لكل شئ .. فهذا يعني وجود شئ يضغط على اعصابك بشدة ..فليس معقولا ان يكون كل شئ اسود وكل شئ سيئ.. وهذا يدل على انه في ضغط نفسي رهيب .. ونسأل الله ان يزيله عنه .. لأن فهد في داخله طيب وهذا ما عرفته عنه قبل عشر سنوات فهو دون شك لا يستحق ان يعاني من كل هذا الضغط .. والأكيد ان عنده ما يبرره .. وان شاء الله يفرج همه .
- طيب سمو الأمير .. من الواضح ان الهلال .. قد اخذ جل وقتك .. بصدق .. هل لاقى تراجعك عن الإستقالة قبولا لدى افراد اسرتك ؟
للأمانة .. بناتي وزوجتي كان يؤيدون استمراري في الهلال .. (ما ادري ليش؟! .. الظاهر اني غاثهم) -قالها ضاحكا- لا حقيقة .. بناتي وزوجتي (يشيلون المباريات على اعصابهم ) وهذا شئ مرهق .. ولكنهم يحملون حبا كبيرا للهلال, وانا عندما ظهرت واعلنت الإستقالة كنت اعني ما اقول .. وبصراحة قبل ما ابدأ اللقاء مع احمد العجلان في الرياضية .. لم اقرر بعد هل اتراجع.. ام استمر على قرار الإستقالة ..
- الإستقالة كانت مفاجئة .. والتراجع عنها كان أكثر مفاجأة.. ما السبب ؟
في الإستقالة.. كنت تحت وطأة الإحباط .. شكل الجمهور , سبعين الف حاضرين , فهذا الا ما يجعلك في قمة الإحباط .. شئ محبط فعلا .. وفي تفكير منطقي كان المفروض ان يتحمل احد نتيجة ما حصل لكي لا يحدث للهلال ما حدث للإتحاد في السنة الماضية عند خروجه من الآسيوية حيث تفرقت مسؤولية الإخفاق بين قبائل .. وهذا ما اثر على الفريق ..
ولم اكن اتخيل .. ان الإستقالة ستكون قصة .. وهذا ازال الضغط عن اللاعبين بدون ان اقصد .. حيث انني كنت اريد ان اتحمل المسؤولية بدلا عن اللاعبين ولكني لم اتخيل انني سوف ازيل الضغط عنهم .. فحصل ما حصل ..
ومباشرة جاءتني ردود فعل فورية من اعضاء الشرف .. والجمهور .. رسائل وايميلات ومكالمات .. وايضا من اشخاص ليسوا هلاليين واشخاص ليس لهم اهتمامات في الرياضة .. فجلست فترة وعزلت نفسي لكي افكر في محاسن استمراري على وضعي كرئيس مستقيل , وكيفية ترتيب الأمور لمن بعدي .. وفي مساوئ هذا الأمر كذلك , الى درجة انني عرفت تماما سلبيات وايجابيات الحالتين.. الإستقالة والإستمرار.. والغريب في الأمر انها كانت متوازنة فلم استطيع ان اتخذ قرارا .. وقبل اللقاء الذي اعلنت من خلاله استمراري بربع ساعة صليت العشاء وصليت الإستخارة ثم خرجت للقاء وانا لا اعرف ماذا سأقول اذ لم اقرر بعد .. ولكن قلت لنفسي (اللي يطلع مع في اللقاء بأمشي عليه) لأنني كما اسلفت وجدت بان الأمور متوازية على مستوى السلبيات والإيجابيات وبالطبع استشرت قبلها اناس كثر .. ولكن اول ما جلست على كرسي اللقاء قررت الإستمرار وارتحت لهذا القرار .
- بالمقارنة مع لقاءات سابقة .. لاحظت على سموك في لقاء الرياضية الأخير بأنك كنت في اشد حالاتك ارتياحا بل وانهمارا .. فإذا كنت سأضيف سببا آخر غير قدرة الزميل العجلان وتفوقه غير العادي .. هل استطيع ان اقول بأن السبب ايضا هو انك قد فوجئت بحجم مؤيديك .. اذ كنت متشككا قبل الإستقالة في وجودهم ؟
بالتأكيد.. صحيح .. بالتأكيد انا فوجئت .. وانا سبق وان قلتها .. هناك من لا يحبني بالتأكيد في الوسط الرياضي وهناك من يكرهني ان شئت .. والأكيد ان من يكرهونني اذا سمعوا من يقول عني بأن هذا اضافة للوسط الرياضي وعمل وعمل .. سيقولون بالتأكيد ماذا عمل هذا .. لتقولوا عنه وتكرروا بانه اضافة للوسط ..
تصدق وتؤمن بالله انني اتفق معهم في هذا الجانب .. انا لا ارى حقيقة بأني قد قدمت شيئا استحق عليه كل هذ الحب .. ولكن هذه نعمة من رب العالمين اشكره عليها .. فهذا حب فوق ما استحق ..
وعلى فكرة جاء في بالي بيتان كتبتهما قبل قليل وانا عائد من النادي الى البيت تقول :
بمدحك علك ترتقي وتاصل المـــــدح
والا سهل اهجيك وابقى مكانك
ما انت كفو تخطي ومانت كفو صـفح
وما انت كفو اني افكر عشانـك
وما انت كفو كتابة ولا انت كفو مسح
لكن فيني شعر فاغنم زمانــــك
والشاهد الشطر الأول فقط .. (بمدحك علك ترتقي وتاصل المدح), فعندما يغدق احد عليك بما ليس فيك فأنت مضطر لأن تصل لهذه المكانة .. ولذا فانا سأبذل كل استطاعتي كي استحق هذه المكانة .. فأنا اتفق مع من يكرهني لأنني ارى بأنني بالفعل لم اضف للرياضة السعودية شيئا ولا استحق كذلك كل هذا الحب .. ولكن الحمد لله رب العالمين ..(ام يحسدون الناس على ما اتاهم الله من فضله) فالحمد لله رب العالمين .
- يعني هل من الممكن ان نقول بأن هذه الإستقالة كانت ضرورية لعبدالرحمن بن مساعد .. اذا كانت بمثابة الفرصة الوحيدة التي سيكتشف بها قدره عند مؤيديه ؟
صحيح .. ولكن هذا الأمر .. بقدر ما اراحني واسعدني .. الا اني اخشى بأن يسبب في المستقبل ضغطا أكبر علي .. يعني انت الآن امام انطلاقة جديدة .. يعني امام مسؤولية أكبر ..مع اني احاول الآن ان اغير من طبائعي واحال ان افصل .. ففي نهاية الأمر النتائج لا ينبغي ان تؤثر عليك جسديا وعصبيا فقد عرفت باحجة والبرهان بأن كرة القدم لا يمكن التنبؤ بما يمكن ان يحدث فيها .. مهما فعلت .. فبالتالي ..المستقبل سوف يكون اكثر عقلانية منه عاطفية .. فأنا كنت آخذ كل شئ على اعصابي فعلا .. فقد كنت احس بمآسي عندما يهزم الهلال ..
يعني مبارة الغرافة في قطر 4- 2 .. تأثيرها النفسي مازلت اعاني منه حتى الآن .. يعني (تعبت تعب كان ممكن يوديني المستشفى).. ولكن بعد فترة التفكير التي قضيتها في الفترة الأخيرة .. قررت بأن أغير هذا .. اذ لو لم اغيره فلن اكون مفيدا لا للهلال ولا لنفسي ولا للقريبين مني.. اذ ينبغي ان تكون لديك قدرة وصبر .. وهذه من مزايا الرياضة التي جعلتني ابدو اكثر صلابة في مواجهة الإخفاقات او مواجهة المشاكل على المستوى العام ..
وفي نفس الوقت ايضا جعلتني اكثر قدرة على التعامل مع من يكرهني .. رغم اني والله لا اكره احد .. اقصد في الوسط الرياضي , لكن بيئة هذا الوسط مليئة بالحقد الشديد .. هناك كمية أمراض نفسية غريبة .. الى درجة انها تنتقل اليك عن طريق العدوى احيانا.. فأنا اكيد محتاج الى دكتور نفسي بعد ما اترك الهلال (يقولها ضاحكا).
- وبالرغم من (جنون) الوسط الرياضي .. ارى بانكم في الهلال كإدارة .. تبالغون قليلا في تحكيم العقل والإحتكام الى المنطق ؟ الا يوافقني سموك بأن مقام الوسط لا ينسجم كثيرا مع مقالكم ؟
ولكن في نهاية الأمر .. عندما يستدعي الأمر انك تأخذ موقفا من احد فأنت تأخذ .. واعتقد رب العالمين موفقنا في اتخاذ مواقف قوية ..
سأذكر لك شيئا .. كثيرون المحوا بأننا مجاملون من الرئاسة العامة لرعاية الشباب .. الهلال نادي مدلل .. والهلال نادي الحكومة وغيرها من السواليف .. طبعا لو كان الهلال نادي الحكومة لكانت كل البطولات من نصيبه .. ولكن الحقيقة تقول بأن كل الأندية هي اندية حكومة .. والسنة الأولى من رئاستي للهلال تؤكد بأننا غير مدللين . هذا أولا .. وثانيا : هم يستندون على بعض الأرآء التي اقترحتها انا .. وطبقت .. مثلا:عندما اقترحت انه من المفروض ان يستثمر اللاعب الآسيوي ويكون لاعبا رابعا حتى تستفيد منه في آسيا .. واقرها الإتحاد السعودي .. او مثلا عندما تحدثت عن رؤساء الملاعب حينما منعت من الدخول .. ولكن اريد ان اسأل : هل هذه الأفكار او المقترحات استفاد منها الهلال لوحده ؟.. ام استفاد منها الجميع ؟! .. هل هي مفصلة مثلا على الهلال فقط .. بالطبع لا .. هي للجميع واستفاد منها الجميع .
وعودة الى سؤالك فأنا اقول انك تستطيع ان تصل الى ما تريد بأسلوب جيد من غير (جعجعة) وتستطيع ان توجع من غير ما (تقل ادبك) وبالنهاية الناس تفهم .. ورب العالمين وفقنا في اننا استطعنا ان نصل الى اسلوب في المطالبة بحقوقنا والرد على من يسيئ لنا من دون تجاوز بحيث الرسالة تصل الى الطرف الآخر ومن يهمه أمر الطرف الآخر .
- نجاحك هذا كرئيس للهلال .. هل سيفتح شهية عبدالرحمن بن مساعد في المستقبل الى القبول بالعمل كإداري بعيدا عن الرياضة او داخل الرياضة .. هل تولد لديك هذا الشعور .. ام انك تكتفي بما قدمت ؟
انا لا اعلم عن المستقبل .. اما كشعور داخلي .. احب ان اقول لك للأمانة اتعامل مع اي مكان ادخل بمدرسة من التفكير .. وهذا مفيد .. يعني عندما اريد ان اتعامل مع مشاكل في مكان ما .. اتعامل معها من منطلق ان هذا المكان ملئ بالمشاكل الكبيرة .. فلو دخلت من منطلق انني سأحل جميع هذه المشاكل .. بالتأكيد لن أنجح وسأحبط والمسافة ستبدو بعيدة , وبالتالي سأحبط في اي عمل اقوم به .. تماما كدخولي مثلا غرفة تعمها الفوضى ومليئة بأشياء (مكركبة)..لا اقول انني يجب ان اجعلها الان وفي الحل مرتبة ونظيفة .. ولكن أحاول ان ازيل يوما بعد يوم شيئا فشيئا ..
اي ان تحاول ان تقلل من المساوئ التي تواجهك ولو ببطء .. والوضع سوف يكون افضل بالتأكيد .. لتبدأ بعدها في تحقيق أهدافك .. وهذا في رأيي هو الحل الوحيد لتستطيع ان تعطي .. خصوصا عند دخولك في وسط مكتظ بقناعات سائدة واناس تردد في اكليشيهات كالببغاوات , وهذا على فكرة في اي وسط ولا اقصد الرياضة تحديدا .. فالتغيير لا بد ان يكون بكسر ماهو سائد (كما تفعل في الشعر) ولكن بهدوء.. او لنقل كسر ما هو سئ وسائد .. لأنه اذا اردت او حاولت احداث تغيير مفاجئ ثم فشلت فهذا قد يؤدي الى صدمة تؤدي الى آثر عكسي .
خـاتـمـة : مـقـدمـة
وهنا .. قلت للأمير : انتهى حوارنا سمو الأمير .. ارجوا اني لم اخل بوعدي لك .. فأجابني بطيبة غمرتني طوال اللقاء: لا لا والله بالعكس .. فشكرته وما زلت على هذا الحوار .. على تلبيته لدعوة رئيس مجلس الإدارة عبدالعزيز الرشيد .. على استقباله الكريم لمجلة فواصل .. على حبه .. تفاعله .. تألقه .. طيبته ..
ولأن هذا المساء كان بالفعل مساء الخير والإحساس والطيبة .. فقد استثمره الزميل يوسف الكهفي على خير وجه .. اذ استأذن الأمير وبعد انتهاء حواري معه في الإجابة على بعض الأسئلة الإضافية العامة والمتنوعة ..وذلك من باب الإستكثار من الخير .. وبالرغم من اني قد خشيت ان يأخذها الأمير من باب (اذا كان صاحبك عسل..) .. الا انه فاجأني , بل وربما فاجأ الزميل يوسف .. بموافقته وترحيبه .. واستعداده التام للإجابة على هذه الأسئلة.. في حوار سينشر مستقبلا بإذن الله
منقووول من شبكه الزعييم
تحياااتي
19-11-2010, 04:40 PM
الأمير عبدالرحمن بن مساعد في حوار اتسم بالصراحة ومزجت فيه الرياضة بالشعر (حوار مجلة فواصل كاملا)
العرض العادي
