.
.
[الجزء الاول],
[ نشــــأته وولادتــــه رسول الله عليه الصلاة والسلام ]
ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم | يوم الاثنين |
| اليوم الثاني عشر من شهر ربيع الاول | ,
عام الفيل ( 570 المسيحي ) ..
وهو [ محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هشام بن عبد مناف بن قصي
ابن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن فهر بن مالك
بن النضر ابن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن
نزار بن معد بن عدنان ] ..
وينتهي نسب عدنان إلى { سيدنا اسماعيل بن ابراهيم عليهما السلام } ..
فلما وضعته امه صلى الله عليه وسلم أرسلت الى جده عبدالمطلب أنه
قد ولد لك غلام فأتاه فنظر اليه [ وحمله ] ودخل به الكعبة
, قام يدعو الله ويحمده وسماه (( محمداً ))
وكان هذا الاسم غريباً فتعجب منه العرب
" فانه لم يعرف في العرب من تسمى بهذا الاسم الشريف
قبل محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب "..
| أرضعته | ثويبة جارية عمه أبي لهب بضعة ايام ,
ثم التمس عبدالمطلب لحفيده | اليتيم |
,الذي كان || احب أولاده اليه || , مرضعا من البادية
, على عادة العرب , وكان العرب { يؤثرون البادية } لرضاعة الاطفال
ونشأتهم الاولى , لما في هواء البادية من الصفاء ,
وفي اخلاق الباديه من [ السلامه والاعتدال ]
, والبعد عن مفاسد المدينة , ولان لغة البادية سيلمة اصيلة .
وجاءت المراضع من قبيلة بني سعد , وكانت لها شهرة في [ المراضع ]
وفي [ الفصاحة ] ,
وادركت | حليمة السعدية | هذه السعادة
وكانت خرجت من بلدها[ تلتمس الرضعاء ] , وكان العام جدب ,
وهم في ضيق وشده , وعُرض الرسول عليه الصلاة والسلام ,
على جميع المراضع فزهدن فيه وذلك لأنهن يرجون المعروف من أبي الصبي
, فقلن يتيم ! وما عسى ان تصنع امه و جده ؟!..
وهكذا فعلت حليمه , فانصرفت عنه أول مرة , ثم انعطف { قلبها عليه } ,
والهمها الله حبه , وأخذه , ولم تكن وجدت غيره
, فرجعت اليه فأخذته , وذهبت به إلى رحلها , ولمست البركه بيدها ,
فكان لكل شيء في رحلها شأن غير الشأن , ورأت
البركة في اللبان و الألبان , والشارف والأتان ,
وكان يقول :[ لقد أخذت يا حليمة نسمة مباركة وحسدتها صواحبها ] ..
ولم تزل تتعرف من الله الزيادة والخير ، حتى مضت [ سنتان ] في بني سعد وفصلته
, وكان يشب شباباً لايشبه الغلمان
وقدمت به صلى الله عليه وسلم على امه , | وطلبت | أن تتركه عندها بعض الوقت
, فردته اليها .
وجاء ملكان وهو في[ بني سعد ] ,فشقا بطنه , واستخرجا من قلبه علقة سوداء
, فطرحاها ثم | غسلا قلبه | , حتى أنقياه ورداه
كما كان
ورعى رسول الله عليه الصلاة والسلام الغنم مع أخواته من الرضاعة
ونشأ على البساطه الفطرة , وحياة البادية الساميه
و اللغة العربية الفصيحة وكان يقول لأصحابه فيما بعد
((أنا أعربكم ,أنا قرشي , واسترضعت في بني سعد بن بكر ))
فلما بلغ صلى الله عليه وسلم | ست سنين | ,خرجت به أمه إلى | مدينة يثرب | ,
تزيره خئولة جده فيها ,
وتزور قبر بعلها الحبيب { عبدالله بن عبدالمطلب } ,
وفي عودتها الى مكه أدركها الموت بمكان بين مكه والمدينه ,
اسمه (( الأبواء )) واجتمعت له وحشة فراق || الأم الحنون و وحشية الغربة || ,
وذلك الشأن معه من يوم ولد ,
وفيها من اسرار التربية الإلهية ما لا يعلمها الا الله
, وعادت به أم ايمن
بركة الحبشية إلى مكة وسلمته الى جده عبدالمطلب , فكان مع جده ,
وكان حفياً يجلسه على فراشه في ظل[ الكعبة ] ويلاطفة .
فلما بلغ رسول الله ثماني سنين ,مات عبدالمطلب فذاق مرارة اليتم
مرة ثانية كانت أشد من | الاولى | ,
فإنه صلى الله عليه وسلم لم ير{ أباه } ,ولم ينعم بعطفه وحنوه .
فكان الشعور بفقده شعوراً عقليا تقليداً ,
وكان الشعور بفقد عبدالمطلب شعوراً حسياً تجريباً ,
والفرق بيننهما واضح .
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد [ عبدالمطلب ] مع عمه أبي طالب ,
وهو اخو عبدالله من أب وأم , وكان عبدالمطلب
يوصيه به فكان [ اليه ومعه ] , وكان أرفق به واكثر حدباً عليه من أبناءه
" علي وجعفر وعقيل " .
يقال أن أبا طالب خرج في [ ركب تاجراً ] إلى الشام ,
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ ذاك تسع سنين فتعلق بعمه ,
فرق له , واستصحبه في هذه الرحلة , فلما نزل الركب (( بصرى ))
من أرض الشام وبها راهب يقال له (( بحيري )) في صومعة له
, اهتم بهم ,وصنع لهم طعاما , ولم يكن هذا من شأنه ,
لما رأى[ صنع الله به ] الخوارق من العادات ,
فلما رأى رسول الله عليه الصلاة والسلام احتفى به وتأكد من آثار | النبوة فيه | ,
ونبه أبا طالب على علو { مكانته },
وقال : ارجع بابن اخيك إلى بلده ,
واحذر عليه اليهود فإنه كائن لابن أخيك هذا شأن عظيم ,
فرجع به أبو طالب إلى مكة سالما .
.
.
.
[ التــربية الإلهية ]
وشب رسول الله صلى الله عليه وسلم [ محفوظاً ] من الله تعالى ,
بعيداً عن أقذار الجاهلية وعاداتها , فكان أفضل قومه مروءة
,واحسنهم خلقاً و | أشدهم حياءً | , واصدقهم حديثاً وأعظمهم أمانة
, وابعدهم عن الفحش والذاءة , حتى ما اسموه في قومه الا (( الأمين ))
يعصمه الله تعالى من أن || يتورط فيما لا يليق بشأنه || ،
من عادات تاجاهليه , وما لا | يرون | به بأساً, ولا يرفعون له [ رأساً ] ,
وكان واصلاً للرحم ,
حاملاً لما يثقل كواهل الناس , { مكرما للضيوف } ,
عوناً على البر والتقوى
ولما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم | أربع او خمس عشرة سنة | ,
هاجمت حرب [ الفجار ] بين قريش وبين قيس
وشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أياما ,
ينبل على اعمامه وبذلك [ عرف الحرب ] وَ [ عرف الفروسية ] وَ [ الفتوة ] .
ولما شب عن الطوق اتجه الى العمل ,
فرعى { الاغنام } , وفيه كسب شريف ,وتربية نفسية ,
وترويض على العطف على| الضعفاء | , وسياسة للأوابد ,
واستنشاق" للهواء " النقي الصافي ,
وتقوية للجسم , وفوق ذلك كله أنه اتباع || لسنة الأنبياء || فقد روي عنه
أنه قال بعد النبوة :
(ما من نبي إلا وقد رعى الغنم قيل :وأنت يا رسول الله ؟.. قال : وأنا ) .,
وقد رعى الغنم في بني سعد مع أخواته من الرضاعة ،
{ فلم يكن بعيداً عنه } ولا جاهلاً ,
وقد ثبت في الصحاح أنه كان | يرعى الغنم | في مكة على قراريط يأخذها من[ أهلها ] .
.
.
.
.
[ ملخص لبعثته صلى الله عليه و سلم ]
بعث صلى الله عليه وسلم لأربعين سنة ، فنزل عليه الملك بحراء يوم الاثنين
لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان.
فلما نزل عليه الملك قال له: اقرأ.. قال: لست بقارئ، فغطاه الملك حتى بلغ منه الجهد،
ثم قال له: اقرأ.. فقال: لست بقارئ ثلاثاً.
ثم قال: { اقْرأْ بِاسْمِ رَبّكَ الَّذي خَلَقَ، خَلَقَ الإنسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ ورَبُّكَ الأَكْرَمُ،
الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الإنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ } ............ [العلق:1-5].
فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خديجة رضي الله عنها يرتجف،
فأخبرها بما حدث له، فثبتته وقالت: أبشر، وكلا والله لا يخزيك أبداً، إنك لتصل الرحم،
وتصدق الحديث، وتحملُّ الكَلَّ، وتعين على نوائب الدهر.
ثم فتر الوحي، فمكث رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء الله أن يمكث لا يرى شيئاً،
فاغتم لذلك واشتاق إلى نزول الوحي ،
ثم تبدى له الملك بين السماء والأرض على كرسيّ ، وثبته ،
وبشره بأنه رسول الله حقاً، فلما رآه رسول الله
صلى الله عليه وسلم خاف منه وذهب إلى خديجة وقال: زملوني.. دثروني، فأنزل الله عليه:
{ يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ، قُمْ فَأَنذِرْ، وَرَبَّكَ فَكَبِّر، وَثِيَابَكَ فَطَهِّر }........... [المدثر:1-4].
فأمر الله تعالى في هذه الآيات أن ينذر قومه ،
ويدعوهم إلى الله، فشمَّر صلى الله عليه وسلم عن ساق التكليف،
وقام في طاعة الله أتم قيام، يدعو إلى الله تعالى الكبير والصغير،
والحر والعبد، والرجال والنساء، والأسود والأحمر،
فاستجاب له عباد الله من كل قبيلة ممن أراد الله تعالى فوزهم ونجاتهم في الدنيا والآخرة،
فدخلوا في الإسلام على نور وبصيرة، فأخذهم سفهاء مكة بالأذى والعقوبة،
وصان الله رسوله وحماه بعمه أبي طالب، فقد كان شريفاً مطاعاً فيهم، نبيلاً بينهم،
لا يتجاسرون على مفاجأته بشيء في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم لما يعلمون من محبته له.
قال ابن الجوزي: وبقي ثلاث سنين يتستر بالنبوة، ثم نزل عليه: { فاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَر }........... [الحجر:94].
فأعلن الدعاء. فلما نزل قوله تعالى: { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ } .........[الشعراء:214].
، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى صعد الصفا فهتف ( يا صباحاه! )
فقالوا: من هذا الذي يهتف؟ قالوا: محمد! فاجتمعوا إليه فقال:
( أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلاً تخرج بسفح هذا الجبل أكنتم مصدقي؟ قالوا ما جربنا عليك كذباً.
قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد. فقال أبو لهب: تباً لك، أما جمعتنا إلا لهذا؟ ثم قام،
فنزل قوله تعالى: { تَبَّتْ يَدَا أبِي لَهَبٍ وَتَبْ } إلى آخر السورة. [متفق عليه].
.
.
.
.