الزعيم والهم الكبير!!
جلباب كوزمين، ذاك الثوب الذي بات لزاماً على الهلاليين خلعه، ليتماشوا مع الواقع والحقيقة، وعدم التعليق عليه كثيراً . فلكم أتى للزعيم مدرب، بات نجماً في الهلال، ثم غادر، واستمر الزعيم في تحقيق ما يصبو إليه. مشكلة الهلال هذا الموسم مترابطة إلى حد التعقيد في (الظاهر)، ومتشابكة إلى حد التوهان أحياناً، لكن العارفين ببواطن الأمور هم أكثر القادرين على تقييم الوضع بشكل جيد. ثمة أصوات بدأت تخرج الآن وتقول إن الهلال بات يقدم نفسه كضحية، وهذا غير صحيح بل ينافي الواقع.
الهلال ضحية فعلاً بلا تقديم. هو ضحية إقالة كوزمين، وضحية بعض اللجان النائمة، وضحية التجاوزات غير الأخلاقية، وضحية مشاركات المنتخب المتعددة وضغط ذلك على اللاعبين (المحترفين). ليس مطلوب من الهلال تجاوز كل الظروف (غير الطبيعية) حتى يبرهن للجميع أنه (الأقوى). ولو قدر للهلال وسارت الأمور بشكل (طبيعي)، لرأيتموه (الأفضل).
في الجانب الآخر، ثمة معضلة في الهلال وهي قضية الخيارات واتخاذ القرار السليم. المشكلة أنه حتى في هذه، تكالبت الأمور على بني هلال. فالخيارات لم تكن متوافرة بشكل كبير، وهذا ليس عذراً، أكثر منه إثباتا للواقع. والخيار الفني الأفضل في تلك المرحلة تحديداً كان الإبقاء على الحسيني بكل بساطة.
بصراحة، كان يمكن أفضل مما كان، والحديث عما كان للاستفادة من التجربة التي أدرك أن الإدارة الحالية قد تشربتها جيداً، وهذا هو المطلوب. فالفريق (فنيا) على أرض الواقع ليس مقنعاً أبداً بالإجمال، وأمام الشباب (والقضية ليست أمام الشباب تحديداً)، بان الهلال وتواضعه الفني. أمام الاتحاد، كان الفريق متواضعاً، وأسهم عزيز بشكل كبير في ذاك التواضع، علاوة على الاستقرار الفني وقوة الاتحاد وترابط خطوطه والتحضير الرائع للفريق. آسيوياً، باستثناء أمام الأهلي الإماراتي (ونظراً لغياب أكثر من عنصر في تشكيلته)، لم يكن الهلال مقنعاً، وكان الأداء العام متواضعاً.
ذاك التواضع مرده أسباب عديدة، منها الفني، والإداري، واللاعبين. فنياً، لم يكن ليكنز الخيار الهلالي (المرحلي) الصائب، وكان الأولى والأنجع إبقاء الحسيني، وهو الأقرب على الأقل لفكر كوزمين، بعد أن عاشره لأكثر من عامين.
أما على مستوى اللاعبين، فالحديث كثير حول أكثر من نجم . الشلهوب هابط مستواه، لأنه بكل بساطة لا يلعب كثيراً، ولم يمنح الفرصة الكافية. وقد يمنح الفرصة، ولا يقدم المطلوب، لكن ليس من العدل أن نمنع الفرصة عنه، ونحاسبه. طارق التائب قدم هذا العام مستويات متفاوتة، لأسباب عدة، أدرك أن إدارة الكرة هي أقرب مني لها، لكن أيضاً ليس من المنطق أن يلعب النجم وهو يعي أنه إما مغادر وإما على مقربة المغادرة! أنا ضد (حساسية) ماجد المرشدي لبقائه في مقاعد الاحتياط، لكن هذا لا يمنع من السؤال: لماذا هو على مقاعد الاحتياط! ياسر القحطاني يعاني من أكثر من جبهة، وهو يقاوم بثبات، وسيخرج من أزمته بكل اقتدار بحول الله.
الهلال هذا العام فقد ميزة لطالما كانت الفارق بينه وبين الآخرين. إنها ميزة الفريق الثاني، وتحديداً، توافر أكثر من نجم في خانة واحدة. ياسر لا بديل له (فنياً)، وطارق كذلك، وأسامة ليس ببعيد عنهم. أما الزوري ومحمد نامي، فلا يخشيان على الخانة إطلاقاً. عزيز وحده، حتى في ظل وجود الغنام. دققوا وتفحصوا خط الاحتياط الهلالي هذا العام، ولن تجدوا أنه صنع الفارق كثيراً. هذا لا يعني (التسريح) الجماعي (العشوائي)، لكن ثمة أسماء لا بد للإدارة من (غربلتها) وفق نظرة فنية فاحصة.
الخلاصة أن الهلال سيخوض ذات التجربة العام المقبل، وذات البطولات، وذات الضغط، وذات الظروف تقريباً، وإذا استمر الهلال على ما هو عليه حالياً، فلا أظن أن الأمور ستتغير كثيراً. تجربة الهلال هذا الموسم أرى أنها جيدة، عطفاً على الظروف التي أحاطت بالفريق. نافس على الدوري حتى آخر مباراة، وحصل على كأس ولي العهد، وخرج بضربات الجزاء من الشباب في دور الأربعة، وهو على وشك التأهل للدور الثاني في آسيا، ولم يقدم نفسه بالشكل المطلوب في كأس الأبطال. قراءة تجربة هذا العام، وتمحيص وتحليل كافة المعطيات (الداخلية) و(الخارجية)، واتخاذ القرارات السليمة لا يعني إطلاقاً نسف ما تم إنجازه هذا العام، لكن المشكلة أن الجمهور الهلالي لم يعتد إلا على البطولات، وذاك هو الهم الكبير!
07-05-2009, 10:45 PM
الزعيم والهم الكبير!! ##عادل التويجري
العرض العادي
