بسم الله الرحمن الرحيم
.. لم تكن إجازة الصيف هذه عادية،
الأمر فيها غريب.. و غريب للغاية..
أرى أنها الأسعد.. لأنني أنجزت فيها بعضاً مما
كنت إليه أطمح و آمل.
.. و أرى أنها الأكثر حزناً../ و ذلك بعد أحداثٍ متلاحقة
تسرق الأنفاس.. لا نكاد نلتقط نفساً إلا و تعود الاختناقة
من جديد.. نحزن.. لكننا نقول: الحمد لله، و لا نقول إلا ما
يرضي ربنا..
.. البداية؛
كانت البداية، بحادث انقلاب سيارة لأحد الأصدقاء.. أمام عيني..
خرج سالماً و لله الحمد..
ثم مضت الأيام متلاحقة..
و توفي خال أحد الأصدقاء الأعزاء..
.. إثر حادث جمال سائبة أصيب على إثره 16 شخصاً كان بينهم
خاله الذي وافته المنية.. رحمه الله..
.. و مضت الأيام
غادر الأحبة../ طلاب الحلقات القرآنية نحو رحلة عمرة؛
لم أكن معهم.. لكنني ذهبت إلى هناك.. قابلتهم..على سطح الحرم
في أول أيام رمضان.. تناولت معهم العشاء.. ثم غادرت لجدة..
و في اليوم الرابع من رمضان.. كانت الصاعقة..!
حادث انقلاب.. سيارة تقل سبعة منهم..
توفي أحدهم..
و ستة في المشفى..أقربهم لقلبي في غيبوبة..!
- و الذي توفي خاله قبل أيام - ..
يا الله..!!
يا له من حدث.. كيف لا..
و هؤلاء هم حياتي كلها؟
هم أصدقائي و أكثر.. إخواني و أكثر..
هم جزء مني لا يتجزأ..
كيف لا..
و هم من أقضي معهم جل وقتي:
في حلقة بعد الفجر.. و لعب كرة بعد العصر..
و جلسات سمر و فائدة بعد العشاء..
جل يومي معهم..!
.. و لله الحمد، تقبلنا الأمر راضين بقضاء ربنا؛
و كان أن تحقق لإخوتي المصابين الشفاء.. بفضل الله
خرجوا جميعهم من المشفى..
أقربهم إلي../ ذلك الذكي - تبارك الله - فقد الذاكرة..
أصبح صعب الاستيعاب!
و لله الحمد بدأ بشكل كبير الآن باسترجاع عافيته..
.. و مرت الأيام
و تأتي امرأة لأم مصعب..[ أخونا الذي توفي ]..
و تقول: ليتني أموت كما مات.. بحسن خاتمة..
و معلم حلقة؛ يتمنى الأمنية نفسها..
و يتمنى أن يموت في المدينة..
و بعد الإحرام.. و هم في الباص.. يصطدم الباص بشاحنة..
و يلقى الشيخ حتفه.. و كذا تلك المرأة..!
و هما محرمان، ليدفنا في البقيع..بهيئتهما التي أحرما بها.
.. و مرت الأيام
.. توفي ابن عم أحد الأصدقاء إثر مرض.. و عم آخر إثر دهس سيارة،
و ثالث من أترابي - في يوم العيد - إثر انقلاب سيارة..
و قبلها بأيام جدة رابع بعد طول صراع مع المرض..
كل هذه الأحداث.. في شهر واحد.. شهر واحد فقط..!
و الحمد لله على كل حال!
- بعد طول كبت.. خرج هذا الهذيان
بلا ترتيب و لا تحسين.. ما خطر بالبال قذفته بين أيديكم..
- أخونا الذي توفي.. رأته امرأة - لم تعرفه من قبل - يقول:
{ أنا مصعب يحيى.. أخبري والدي أني في الجنة
مع عمر بن الخطاب و الصحابة } ..! - فالحمد لله - ..
أما لماذا..
فالله أعلم..
لكنه ختم من القرآن خمسة أجزاء تقريبا ، و كان عازماً على إتمامه..
و هو حسن الخلق؛ و عائد من عمرة في رمضان.. كما أنه نطق
بالشهادة ثلاث مرات قبل وفاته رحمه الله.
نحسبه على خير و الله حسيبه و لا نزكيه على الله..
و أسأل الله أن يصبر والديه و إخوته و أحبته..
- أما شيخنا.. الشيخ أحمد..
فإليكم هذه القراءة بصوته.. تغني عن كل حديث..
- نداء إلى كل الشباب..
يا شباب.. الموت ما يعرف شباب..
أصدقاؤنا الذين ماتوا أعمارهم بين السابعة عشرة و الخامسة و العشرين؛
فاحذروا.. و أحسنوا أعمالكم..
و اصحبوا صحبة الخير.. فهي التي ستذكركم، و تنفعكم بعد موتكم..
فها هو أخونا الذي توفي.. تبرع عنه إخوته، و أوقفوا عنه مئات المصاحف في
المساجد.. عدا الدعوات التي تأتيه آناء الليل و النهار..
أما من صاحب رفقةً ليست صالحة.. فما يلبثون أن ينسوه بعد أن يغرقوا في
ملذات دنياهم..
فاعتبروا يا أولي الألباب..
أسأل الله أن يغفر لموتانا و موتى المسلمين، و أن يشفي مرضانا و مرضى المسلمين؛
و أسأله أن يحفظنا و من نحب من العين و السحر و من شر كل ذي شر..
أسأله أن يحسن لنا الختام.. و يثبتنا بالقول الثابت في
الحياة الدنيا و في الآخرة..
تقبل الله صيامكم و قيامكم و صالح أعمالكم،
و كل عام و أنتم بخير..