عرض مشاركة واحدة
قديم 18-07-2011, 03:52 AM   #3
قناصة عسير
مشرفة قسم نبـض الوطـن
 
الصورة الرمزية قناصة عسير
 
افتراضي 2#













بَرَز رَحَمه الله مِن عَصْر قَلّ فِيه أَهل العِلم الرَاسخُون، وَنَدر فيِه المشُتَغلِون باِلعلم مَع العَمَل،

لَم يُؤثِر فِيه السُبات العَامَ وَ لَم يُثْنه عَن الَعمَلوَ الطَلب وَ التَفَقه،

و َلَم يمتَنِع عَن إِبطَال البَاطل وَ إنكار المنُكر لقِلة المعَينِين، وَكُثرَة أهْل الفُسق و َالفُجُور وَ البِدعَة؛

عَدا مَا تَعرَضت لَه الُأمة آنذَاك مِنْ مِحَن مُتَعددة مِن أعَداء الخَارِج:

التَتار و َالفِرنْجة، بَل كَان ذَلِك حَافزاً لَه و دَافعاً لَه لَأن يَجْعَل مِننَفْسه وَ مِما آتَاه رَبه

حِصناً منيعاً يَخِدم الِإسلاَم و َيَذود عَن حِياضه.

و َقد ُأوذي، وَ عودي و ظُلِم، فَصبر وَ صَابر، وَ ثَبتَ عَلى الحَق لَا يَخاففِيه لَومة لَائم..

كثُر حَاسِدوه، وَ النَاقمُون عَليه لَيس لِشَيء سُوى أَنه يَسعَى لِإحَقاق الحَق،

وَ هُم يُريِدون للبَاطل أَن يَظهَر – وَ أنّى لَهُم ذَلِك

وَ لِأنه فَاق عُلمَاء عصَره بِما لَديه مِنعِلم، فَكَان البَعض مِنْهم يَحسِدَه عَلى ذَلك،

وَ يَكِيل لَه التُهَم عِندالحُكاَم.

كَان ذَلك الَأمْر كَفيلاً بَأن تَنصَب عَدَاوة الُحكَام للِشَيّخ الجَليِل،

و َيُنفِى مِن بَلَد إِلى آخَر، و َتَارة يُمنَع مِن الحَدِيث للِنَاس؛

وَاَنتَهى المَطاَف بِه أَن سُجنَ و عُذب فِي سَجْنه؛ لكِنه صَبَر و صَابِر،

مُتَحَلياً بِإيمَانِه، وَمُتَسلحاً بِيقِينه بِربِه؛ لَم يَنثَنِ عَن الحَق،

وَ حَوّل بُؤس السِجِن إِلىَّ جَناتٍ، فَألَف وَ كَتَب فِيسِجِنه؛

وَ قَرأ القُرآن – حَتَى قَالُوا أنَّه أتَّم 80 خَتمَة فِي سجِنتِه الَأخِيرَة قَبْل مَوتِه

فَصَنع مِن ذَلِك الُبؤسْ – فيِمَا يَظهَر للنَاس – سَعَادة و َهنَاء، و َأيَّما هَناء..!

ذَلِك أَن جنتَه فِي صَدرِه..! يَقُول:

"مَا يَصْنع اعَدائِي بِِي انا جَنتِي وَبُستَاني فِي صَدرِي ان رُحت فَهي مَعي لَا تفُارِقني

انّ حَبسِي خَلوة وَقتَلِي شَهَادة وَاخَراجِي مِن بَلَدي سِياحَة "

وَ بَينَما هُو فِي مِحنتَه يَقول:

" المَحبوس مَن حُبس قَلبُه عَن رَبِه تَعَالى وَالمَأسُور مَن اَسره هَواه " .

وَ فِي سِجنَه ذَلك،

كَانَت لُه مُؤلفاتُ مُبهِرة، فيِِها دلَالة عَلى سِعة عِلمِه، وَ قوة حِفظْه؛

فَقد كَان يَكُتب وَ يوُرد الَدليِل وَ القَول، وَ لَيس عِنده مِن المَراجِع مَا يَستَنِد إِليّه.

و َلَم يَسلم مِن ألسِنَة النِاس، مُتَقدمِيهُم وَ مُتَأخِريِهم،

حَسَداً مِن عِند أنَفُسِهم أَو بَغضاً لمِا جَاء بِه مِن حَق؛

فمَن قَائِل بِأنَه كِافِر، وَ مَن مُتَهم لَه بِالزَنْدقَة، وَغَيِر ذَلِك, وَ الله المُستَعَان؛

وَ القَائِم عَلى ذَلِك العَمَل دَوماً:

الرَافضِة – عَليِهم مِن الله مَا يَستَحقِون -

وَ عُلمَاء السُلطة فِي عَصْره، و َبَعض مِن ضَّل فِي بَعض العَقَائِد مِن المُسلْميِن؛

وَمِن عَدَاهم أنُاسٌ جَهِلوا حَاله وَ قَصُر بِهم الفَهم، أَو هُم مُقلِدون.

- وَ مَا ذَاك بِنَاقِص مِن قَدر الِإمَام الجَليِل:

شَيّخ الِإسلَام ابِن تَيّمِيَّة..

فَهَا هِي عَادة وُجِدت فِي بَنِي البَشر مِن انتِقَاص ذَوِي القَدر الرَفِيع،

و َمُحَاولة النَيل مِن الكِبَاروَ النَاجِحين، لأَسبَاب فِي النُفوُس،

و َعِلَل فِي القَلُوب؛ نَسْأل الله السْلامَة وَالعَافِية.









نَترُككم يَا أحِبة :/

وَذَلكـ لتِأخُذوا جَولة فِي أقْواَل العُلمَاء عَن هَذا الِإمام؛


رَحِمَه الله وَ أسكَنه فَسِيح جَناتِه:

حِينَ تَتحدث عَن ابِن تَيميَِّة، يَبْرز فِي الُأفُق ذَلك الِاسم اللَّامِع:

طَالِبه الَأبْرَز، الِإمَام: ابِن القَيَّم رَحِمَهمُا الله تَعَالى؛ يقَول ابِن القَيَّم :

" وَكُنا اذِا اشّتَد بِنا الخَوف وَسَاءت مِنا الظُنون وَضَاقَت بِنا الَأرضْ اتَينَاه

فمَا هُِّو الِّا انْ نَراه وَنَسمَع كَلامَه فَيذَهب ذَلك كُله وَينقَلب انْشِراحاً وَقُوة وَيقِيناً وَطَمَأنِينَة ".

وَ فِي جَوانِبَ أُخْرَى،وَ فِي مَوضِع آخِر مِن الكِتَاب ذَاتِه – الوَابِل الصَّيِب – يَقُول:

" وَقَد شَاهَدت مِن قُوة شَيّخ الِإسْلَام ابِن تَيِمِيَّة فِي سُنَنَه وَكَلامِه وَاِقْدَامه

وَكتِابَة، امَراً عَجِيباً فَكَان يَكَتُب فِي اليَوم مِن التَصْنِيف مَا يَكتُبه النَاسِخ

فِي جُمْعه وَاكثَر وَقَد شَاهَد العَسْكر مِن قُوتِه فِي الحَرْب امَراًعَظِيماً ".

وَ عَن الذِكر، وَ طَمَأنِينّة البَال بِه يُذكَر عَنْه كَلاماً فَيَقُول:

" وَ حَضَرت شِيَّخ الِإسْلام ابِن تَيِمَّية مَرَة صَلّى الفَجِر ثُمّ جَلَسَ

يَذْكُرالله تَعَالى إِلىَّ قَريِِب مِن انْتِصَاف النَهَار ثُمَّ التَفَت إِليّ

وَقَال هَذِه غَدَوَتِي وَلُو لَم أتَغَدى الغَدَاء سَقَطَت قُوتِي أَو كَلاماً قَرِيباً مِن هَذا

وَقَالَ لِي مَرة لَا اتْرك الذِكر إلِّا بِنِّية اجِمَام نَفْسِي وَارَاحَتَها لِأسْتِعد بِتِلكَ الرَاحة

لِذِكر آخر أو كَلاماً هَذا مَعْنَاه ".

وَ عَن تَسَامُحه وَ طَرِيِقة تَعَامُله مَع أَعدَائِه يَُذكَُر قِصة فَيَقُول: "

قَالَ ابِن القَيَّم - رَحِمَه الله - :

( جِئتُ يَومَاً أُبَشِر شَيخَ الِإسلَام ابِن تَيّمِيَّة - رَحِمَه الله - بِموت أكَبرأعَدائِه !

وَأشَدَّهم عَدَاوة وَأذَى لَه ، فنَهَرنِي ، واسْتَرجع !

ثُمَّ قَامَ مِنْ فَورِه إِلىَّ بَيّت أهلِه فَعَزّاهُم ، وَقَال : إِنِّي لَكُم مَكَانِه ،

وَلَايَكُون لَكُم أَمْر تَحْتَاجون فِيِه إِلىَّ مُسَاعدة إِلاَّ وَسَاعدتُكم فِيه !

فَسَروا بِه وَدَعوالَه ، وَعَظَموا هِذه الحَال مِنْه) .

قَال ابِنْ القَيّم :

( مَارَأيّتَه يَدعُو عَلَى أَحَد مِن خُصُومِه قَط ، وَكَان يَدعُولَهُم(

الِإمَام الذَهَبِي رَحِمَه الله:

)ابِنْ تَيِمِيِّة: الشَيِّخ الِإمَامْ العاَلِم، المُفَسِر، الفَقِيه، الُمجْتَهِد،

الحَافِظ،المُحَدث، شَيِخ الِإسْلاَم، نَادِرَة العَصِر، ذُو التَصَانِيف البَاهِرَة، وَالذَكَاء المُفرِط (

وَقَال اِبْن دقِيق العِيد رَحِمَه الله :

( لمَّااجْتَمَعَت بِابْن تَيِمَّية رَأَيت رَجُلاً العُلُوم كُلَّها بَيِن عَيِنَيِه،

يَأَخُذ مِنْهَا مَا يُرِيد، وَيَدَع مَايُرِيد )

وَ قَالْ الِإمَامْ الزَمَلكَانِي:

( اَجْتَمََعَت فِيه شُرُوط الِاجْتِهَاد عَلَى وَجْهَهَا )

.

قناصة عسير غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس