عرض مشاركة واحدة
قديم 25-02-2011, 03:06 PM   #15
GivenChy
. . : زعيم القناصين : . .
 
الصورة الرمزية GivenChy
 
Exclamation رد: { .. لا شيءَ يستحقّ !!

..

- الورقة الخامسة
" لمّاعَالباب..حبيبي بـنتودّع ..
بيكون الضوْ .. بعدوعمْـيطلع،
بـأوقف اطلّع فيك ..
و ما بقدر حاكيك /:
بخافنتودّع،!
و تفل و ما ترجع ! "
-باتريسيا-



أحب الغنـاء كثيراً , و باتريسيا كذلك ..
صديقتي واختي التي لم تلدهـا أمي .. باتريسيا لم تكن من ذات الديانة ولا من ذات الجنس واللون , ولكنني كنت احبها كثيراً وأجد فيها من الطيبة الكثير مايسمح لي أن أغضّ النظر عن جميع سلبياتهـا ..
باتي / كما أحبّ أن اسميها دائما , جمعني بهـا القدر في إحدى رحلاتنا الصيفية .. أصبحت علاقتنا عميقة جداً وتواصلنا يكاد يكون بـ شكلٍ يوميّ ..
عرفتهـا فتاةً مرحة , لا مبالية , تعيش لـ يومها فقط , تعشق الأطفال , والزهور , وتكرهـ القطط !
باتي كانت هي صلتي بـ العالم القويّ , وهي منشّطاتي التي أتجرّعها لحظة خمول , و هي مسكني الروحي حينما تحتاج روحي إلى سند !

انتقلت للعيش في الرياض بعد معرفتنا بـ ثلاث سنوات , و كم كانت فرحتي بهـا كبيرة .. والدهـا / المهندس الميكانيكيّ , كان قد وجد فرصة عمل أفضل هنـا , وبعيداً عن النزاعات العائلية منذ أن رحل والدهـ , حزم أمتعته هو وعائلته الى موطني !
أصبحنا نتقابل كثيراً , و بـ حكم أنهـا من عائلةٍ تختلف عاداتها وتقاليدهـا عن عاداتنا بشكل كليّ , كانت لا تغيب عن زيارتي كثيراً../
منهـا عرفتُ بأن الطيبة وحسن الخلق والتعامل ليست مقتصرةً علينا نحن فـ حسب .. وأن اختلاف الديانات والمنشأ لا يعني بالضرورة أن نكون نحن أيضاً على اختلاف .. القلوب تتآلف مع بعضهـا بشكل كبير !
بـ اختصار / أصبحت باتي أختي , وأصبحتُ أنا أيضاً فرداً من أفراد عائلتهم المكونة من أمهـا وأبيها وأخيهـا الأصغر ..
باتي تكرهـ الحب , والضعف , و تمقت الدموع التي تنحدر لحظات الحنين ..
ترى أن الرجال لعنة السماء المرسلة الى الاناث , واختبار الله لـ مدى الصبر وقوة التحمل ..!
باتي تعذر الرجال في خياناتهم لأن النساء مغفلات : والقانون لا يحمي المغفلين ..
ترى في الرجال اصدقاء حذرون / لا محبّون غادرون !
لذا / فـ هي تفضل أن تكون متشعبة العلاقات , لا أن تعلّق قلبها في من لا يستحق !
بـرغم قـُربي الشديد بهـا , إلا أن حياتها العاطفية كانت تبدو مبهمة و غير واضحة المعالم !
و بـ رغم تلك الرسائل الخفيّة التي تكمن في ثنايا اندفاعهـا الشديد و عدوانيتها تجاهـ الرجال , الا أنني لم ألقِ بالاً لـذلك ..
" إنتِ أصلاً وش يعرّفك بالحب !! " ..

سافرنـا إلـى بلدهـا الأم سويّةَ هذا الصيف .. كانت تبدو سعيدةً جداً , اذكر أنها دسّت في جيب معطفي ورقةً كبيرة و همست /
" هـيدا الجدول تبعنـا .. ماخليت إلك وقت فاضي ! "
طرقتُ الباب عليهـا ذلك المسـاء , وعيناي تبحثـان عن تاريخ اليوم المدوّن في تلك الورقة ..
" يوم الثلاثـاء .. السـاعة السادسة مساءاً : جولة في السوليدير ..
بـاتي تأخرَت ! "
كنتُ قد أخطرتُ والديّ بأن عليّ الذهاب برفقتهـا لـ تساعدني في شراء بعض الحاجيات من المحلات المجاورة ..
طرقتُ الباب ثلاث مرّات , وعندمـا لم أجد ردّاً دلفتُ إلـى داخل المنزل بـ هدوء ..
لم يكن منزلهم فـارهـاً , بـل كان عبارةً عن شقّةٍ صغيرة في عمـارةٍ تكتظّ بـ السكان , وبرغم ذلك الا ان الهدوء القـاتل يخنق المكـان !
" بـاتي ..
بـاااااااااااااااتي !! "
لم يكن هنالك من أحد .. الإنـارة خافتة و الجوّ سـاكن ..
ثمّة ضوءٍ صغير ينبعث من الغرفة الداخلية ..
مشيتُ بـ هدوء مـُحاولةً تتبّع اتجاهـ الضوء , شعرتُ كما لو أنني متسلّلة !!
كـانت هنـاك , خافضة الرأس , اوراقٌ كثيرة متساقطة يمنةً ويسرة , صندوقُ مزخرفُ صغير , و صوتُ بكـاءٍ خافت !
" باااااتي .. تصيحين ؟! "

..

أستطيع الآن أن أقول / لا توجد فتـاة قوية !
جميعنّ يتظاهرن بـذلك , مع اختلاف درجة الإتقان ومدى تأثرهـا بالموقف !
باتي / مسكّني الروحي و بلسمي , أصبحت تحتاج إلى بلسم الآن , ذلك الجدار الشامخ يكاد يوشك على السقوط !
لـ لحظة / شعرتُ بأنني أنانيةٌ جداً , إذ أني كنتُ أتّكـئ على جدارٍ متهالك , كان يحاول أن يسندني بـ رغم تصدعاته التي انهارت فجأة ..!
كـانت تحبّه جداً , و هو كذلك .. لا لن أزعم هذا , هي تقول / او إن صحّ التعبير : تدّعي !
أرأيت يـا مجيد ؟! لوّثتَ نظرتي بـ الرجال جميعهم !!
دعـُوهـ للتجنيد قبل أربعة أعوام .. ثمّ للجبهة , بكتْ كثيراً وهو كذلك , وعـدهـا بـ البقاءِ على اتصـال ..
كـان يرسلُ الرسـائل في كلّ شهـر .. ثمّ كل شهرين ..
مرّت أربعة أشهرٍ لم يرسـل لهـا شيئاً ..
عـادت مجموعةٌ منهـم كانوا قـد أُعفوا من التجنيد إلـى ديارهم .. ذهبت مع أولئك المستقبلين تتفحّص الوجوهـ علّهـا تجدهـ
بينهم ويفاجأهـا بـ المجيء بعد انقطـاع .. ولكنـهـا عـادت مكسورة الجناح وفي يدهـا ورقةُ يتيمة ..
" عزيزتي بـاتووو / أعلم أن مـا سـ أقوله سـ يكون وقعهُ قاسياً جداً عليكِ ولكنني مضطرٌ حقاً إلى ذلك ..
أرجوك سـامحيني , لـعلّ حبّي الشديد لكِ يشفع لي في الابتعاد ..
أتمنى لك التوفيق في حياتك بعيداً عنّي .. لن أستطيع ربطكِ أكثر , أشعر بأنني أظلمكِ كثيراً معي !
لـ أجلِ مـاضينا معـاً / سامحيني .. أحبك كثيراً
كوني بخير !! "

تحبّون السيطرة في كلّ شيء , في الحبّ وفي الفراق .. كم تعشقون تحديد المصير بـ أنفسكم !
تركتْهـُ باااتي , و تناست أنه كـان هنا يوماً مـا .. لـ تُفاجئ بـ اعلان خبر زفافهِ قبل فترة ..!
أليس الأمر مضحكـاً و مبكيـاً / و سـاذج !!
لم نتطرّق لـ الأمر بعدهـا أبداً .. عرفتُ بأن وراء كلّ قنـاعٍ قويٍ صـارم / قلبٌ مكسور يحاول أن يلملم شتاته
بـ إظهـار مالا يعكس حالتهُ الصحيحة ..!
و أيقنتُ بأننا جميعاً –بإختلاف قدراتنا و قوّتنا الداخلية- تحاصرنـا لحظات حنينٍ قاتلة تدفعنـا لـ نفض الغبار عن صناديق
ذكرياتهم ورسائلهم , واوجاعنا .. نغسلهـا بـ الدموع و مانلبثُ أن نعيدهـا لـ مكانهـا بـ هدوء .. حتى يحين موعدُ الغسيل التالي !!
لا نستطيع التخلّي عنهـا ولا ندري لمَ نختارُ أن نُدمي أنفسنا بأيدينا ..!
تفتحُ أبواب عـالمهـا القديم لـ نعيشهُ بـ تفاصيلهـ / بدون وجودهـم .. نضحك ونبكي وكأننا في ذات الأماكن في الوقت نفسه ..
نتحسّس حضورهـم بأيدينـا , و نداعب تفاصيلهـم ونكاد نلتهمهم بأعيننا , نُشبع رغباتنا في الخيال لأن الواقع ظلّ يأبى ذلك / حتى غيّبـَهـم عنـا .. بإختيارهم !!
ننفضُ الغبـار عنهـا , نجدّدهـا , و ندّعي بعد هذا كلّه أننـا سـ ننسى و نمضي ..!
كيف لنـا أن ننسى .. انها تحاصرنـا كـ سـِوار معصم !!

تبّـاً لـكم !!




- يتبع !!

GivenChy غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس