دَائِمَا ً ماتُحَدَّثَنِي جَدَّتِي عَن الْمَاضِي وَلَا أُعَلِّم لِمَاذَا اذَا تَحَدَّثْت أَتَأَمَّل عَيْنُيها وَكَأَنِّي اقُوْل هَل الْمَاضِي هُو مِن جَعَل الَّتَجَاعِيّد تَتَكَدَّس عَلَى وَجْهِك البّشُوش .. لَم اصْمُد طَوَيْلَا ً ف اقْتَرَبَت مِنْهَا لِكَي أَضَع يَدِي عَلَى خَدَّيْهَا لْمُلامَسِه الْمَاضِي فَهَذَا مَاتبَّقّى مِنْه يَاجَدَتِي هَل هَذَا هُو الْمَاضِي .. تَسَاؤُلَات طُفُوُلِيَّة .. عِنَدَمّا كُنْت طِفْلَا ً لَم أَتَجَاوَز الْتَّاسِعَة مِن الْعُمْر كَانَت الْأَمَانِي تَحُوْم حَوْلِي وَكَائِنْهَا طُيُوْر تُحَدِّثُنِي كُل لَيْلَه قَبْل الْخُلُود لِلْنَّوْم ف كَانَت الْأَمَانِي كِثُيْرَه و الْأُمْنِيَة الْوَحِيدَة الَّتِي تَعْتَلِي تَفْكِيْرِي إِن أكُوْن خَلَف أَحَد الْمَقَابِر أُرِيْد أَن أَكُوْن هُنَاك .. * كَانَت الْتَّسَاؤُلَات تَعْتَلِي وَجْهِي الطُّفُولِي لِمَاذَا يُوْضَع الْإِنْسَان بْتلك الْحُفْرَه الَّتِي أَمْتَلِئْت بِالْتُّرَاب ؟ كُنْت بَقَّمُه سَعَادَتِي عِنَدَمّا يُحَدِّثُنِي ابِي عَن الْمَقَابِر كُنْت أَتَشَوَّق جَدَّا ًان اكُوْن خَلَف أَحَد الْمَقَابِر وَالْتُّرَاب فَوْق جَسَدِي لَا أَعْلَم سِّر سَعَادَتِي ف كُنْت اصَاب بنُوَبِه تَفْكِيْر هَل انَا حَقّا َ عِنْدَمَا اكَوَّن تَحْت تِلْك الْحُفْرَه الْمُمْتَلِئَه بِالْتُّرَاب كَيْف سَوْف أَعِيْش تَّسَاؤُلَات طُفُوْلِيِّه تَمْلَئُهَا التَعْجِبَات ف كُنْت شَخْصا ً مُهَوّس بِا أَلَس فِي بِلَاد الْعَجْائب فَرُبَّمَا أنْتٍ يَاأَلَس الْسَّبَب بِأُمُنْيَّتِي ف لَيْسَت بِفِتْرِه طَوِيْلَه حَتَّى يَتَلَقَّى أَبِي اتِّصَالا ً ان فُلَان قَد وَافَتْه الْمَنِيَّه لِيّلَه الَأَحَّد ف كُنْت اسْتَرَق الْسَّمْع ف ذَهَب لِغُرْفَتِي وَالْسَّعَادَه تَغْزُو مَلَامِح وَجْهِي تُوُفِّي احَد أَقَارِبِي فَلَا تَسْتَغْرِبُوْن أَن الْسَّعَادَه تَمْلَئ مُحَيَّا ذَالِك الْطِّفْل الْبَرِئ لَانِّي سَوْف اذْهَب ل امْنِيَّتِي وَاضِع التُّرَاب عَلَى احَد اقَارِبي ف َقمه الْسَّعَادَه تَعْتَلِيْنَي وَلَا أَعْلَم كِيْف اذْهَب لٍِ ابِي لٍِِاقْنَاعِه بِالذَّهَاب مَعَه حَتَّى بَكَيْت ل امِي ان تَجْعَل ابِي يَصْطَحِبُني مَعَه ف بَعْد تِلْك الْمُحَاوَلَات أَتَانِي ابِي ف وَضَع يَدَه عَلَى خَدَّي لَا أَعْلَم مَاذَا انْت سَعِيْد لَئْجِلَّه يَابَنِي فَالَبَيْت خَيْرا ً لَك وَلَم اسْتَطِيَع الْصُّمُود ل اقْبَل يَدَه ان يَصطبَحَنِي مَعَه لِتِلْك الْمَقْبَرَه الَّتِي لَسِيَّت بُعَيْدَه عَن مَقَر أَقَامْتِي فَقُابلَنِي بِالْمُوَافَقَه لٍِ اسْتَعَد لِلْذَّهَاب مَعَه ف عِنَدَمّا صَعِدَت الْسَّيَّارَه مَع الْوَالِد مُتَّجِه ل تِلْك الْمَقْبَرَه وَتِلْك الْسَّيَّارَات حَوْلِنَا كُنْت اتُسُئِل لِمَا تِلْك الْسَّيَّارَات تُحَوِّم حَوْل سَيّارَه ابِي تُسَائِلَات طُفُوْلِيِّه ف أَنْظُر إِلَى الْخَلْف ف ارَى قَرِيْبِي وَقَد لَف بِقُمَّاش ابْيَض وَبَجَاوِرِه اقَارِبِه وَاشَاهِد ابِي وَالدَّموّع تَغْزُر عَيْنَاه وَاصِبْت بنُوَبِه سُكُّوت وَكُنْت اتُسائِل لِمَاذَا هَوُلِاء الْنَّاس وَلِمَاذَا ابِي يَبْكِي تَسَاؤُلَات طُفُوْلِيِّه ف اخَذَت احَدِّث ابِي عَن يَوْمِي وَمَاذَا فَعَلَت بِه ارِيْدُه ان يَبْتَسِم لَكِن اجَابْنِي هَل تُصْمِت قَلِيْلا يَافَهْد ً ف دَمَعَت عَيْنَي لَانِّي احْسَسَت ان تِلْك الْحُشُوْد وَدُمُوْع ابِي خَلْفَهَا سَر عَظِيْم فً صَمْت ل حِيْن الْوَصْل لِتِلْك الْمَقْبَرَه ذَات الْسُّوْر الْعَظِيْم وَكَأَنَّه يَتَخَيَّل لَدَي وَقَد كَان الْسُّوْر بِلَوْنِه الْابْيَض وَزَوَايَاه ذَات الْطِّلَاء الْبُنِّي الَّتِي حَلَمْت ان اكُوْن خَلْفَهَا يَوْمَا ً لَا َاعْلَم مَاهِي تِلْك الامَنِيْه الَّتِي صَاحَبَتْنِي طَيْلَه طُفُوْلَتِي رُبَّمَا أُمَنِيَّات بَيْضَاء ف عِنْد الْوَصْل لِتِلْك لْمَقَبَرِه اخَذَت افْتَح الْنَّافِذَه لِي ارّاء تِلْك الْمَقَابِر وَبْتَسْم وَالْدُّمُوْع تَغْزُو ابِي وَالْوَح بِيَدِي ل ابْنَاء عُمْي بِالْسِّيَّارَه الْقَرِيبَه مِنَّا وَالْوَح لَهم ان يُحْلَقوا بِنَا فَ يَلْحِقُون بِنَا ف احْسَسْت بَشْعُوُر ان امْنِيَّتِي تَعْجَل تِلْك الْحُشُوْد تَتْبَعُنَا وَان الْمَقَابِر سَعِيْدَه بِي فَلَا اعْلَم انِهَا لٍَ أْجّل مِّن لَف بِذَالِك الْقِمَاش الْابْيَض مَعَنَا وَان الْامَانِي مَاهِي الا بَرَاءَه بَيْضَاء ف عِنْد بُلُوْغِي الْسَّادِسَه عَشَر كَان لِي صَدِيْق مُقَرَّب اسْمُه سُلْطَان كُنْت احَدِّثُه عَن أُمَنِّيه الْمَقْبَابر فَمَا كَان مِن سُلْطَان الا ان يَسْخَر مِنِّي وَيُحَدِّثُنِي انّي ( شَخْص ذُو أَمَانِي غَبِيَّه ) فَمَا كَان مِنِّي إِلَا ان انْعَتْه بِكَلَام لَايُحِبُّه وَشَخْصا ً جَاهِل لِان الْمَاضِي احَبَّه فَلَا تَنْعَتُه بِإِي مُسَمّى ف بَعْد سَنِّه لَم تَسْتَمِر الْصَّدَاقَه بَيْنِي وَبَيْن سُلْطَان وَحَالَت الْاقْدَار بَيَّتنَّا وَتَعَرَّفْت عَلَى ابْن عَم سُلْطَان لِيَكُوْن صِدِّيْقا ً وَفِيّا ً وَحَدَّثْتُه مَاجَرَاء بَيْنِي وَبَيْن سُلْطَان ف حَاوَل أَكْثَر مِن مُرِّه الْصُّلْح وَلَم يَسْتَطِيْع رُبَّمَا لَانِّي شَخْص لَا يَقْبَل الِالْتِفَات لِلْوَرَاء كَثِيْرا ً فَطَلَب مِنِّي عَبْدُالْعَزِيْز قَبْل سَفَرِي ان ارْسَل رِسَالَه ل ابْن عَمِّه سُلْطَان فَلَم اصْمُد طَوَيْلَا وَقُلْت حَسَنا ً وَبَعْد اسْبُوّع مِن سَفَرِي احْصَل عَلَى مَسِج مِن عَبْدُالْعَزِيْز ( سُلْطَان وَافَتْه الْمَنِيَّه ) ! فَلَم الْبَث طَوْيِلا حَتَّى عُدْت مِن سَفَرِي لَبَيْت سُلْطَان ل ارّاء ابْنَاء عَمِّه وَعَبدالْعَزِيّز يَسْتَقْبِلُنِي وَيَعْرِفُنِي عَلَى ابَاء سُلْطَان وَاخْوَتِه وَبَعْدَهَا اصْطَحِبَنِي مَعَه ل وَدَاع سُلْطَان ف رَايْت تِلْك الْمَقْبَرَه وَذَاك الْسُّوْر الْابْيَض فَبَكَيْت كَثِيْرا َ كَثِيْرا ً لَانِّي عَلِمْت ان مِن سَايُوَضّع خَلَف ذَلِك الْسُّوْر لِان تُشْرِق لَه شَمْسَا ً فبَكَيْت وَدَهْشَه عَبْدُالْعَزِيْز مِن تِلْك الْدُّمُوْع وَتُسَائِل هَل الْنَّدَم قَادَك لِلْبُكَاء لَم اسْتَطِع الاجَابِه ؟ ف عِنْد وَضْع سُلْطَان بِقَبْرِه امْسَكْت بِالْتُّرَاب بِيَدِي وَلَم اسْتَطِع ان اضَعُه عَلَيْه ف بَكَيْت كَثِيْرَا ًَ فً لم أَعْلَم ان تِلْك الْأُمْنِيَه صَاحَبَتْنِي كَثِيْرا ً وَأَخَذَت مِنِّي الْكَثِير لَم أَعْلَم ان الْمَاضِي سَوْف يُصَاحِبُنْيً طَيْلَه اياميٍ .... لَم أَعْلَم ف كَانَت جَدَّتِي تُحَدِّثُنِي عَن الْغَد كِثِيْر فً تَقُوْل أَن الْمَاضِي مُجَرَّد ذِكْرَيَات وَإِنـ غَدا َ سَوْف يَكُوْن أَجْمَل ..| هُنَا حَدِّثُوْنِي عَن أُمْنِيَاتِكُم الْطُفُوْلِيَّه الْبَيْضَاء !