عرض مشاركة واحدة
قديم 24-12-2009, 02:04 PM   #7
تشرينْ !
وَدَقٌ تَشّرِيِنِيْ
 
الصورة الرمزية تشرينْ !
 
افتراضي -3-


-3-
الفصل الثالث : على كثر السنين اللي عرفتك - ماعرفتك زين ! *



كان بندر يبحث عن ابنه بيعنيه التي لطالما وفتّ كيان لهما ، وسط ذهول هذه الكيان و صدمتها
وسط حيرتها ، أتهرب ؟ أتلملم ما انكسر منها و تنسحب ؟ أتتقدم خطوة وتقتل الثقة و تصفع بندر ؟
أتعانق الطفل ماجد و تبكي ؟ أتنهار أم تتماسك ؟
هربت كيان ، توارت مع الإزدحام قبل أن يلمحها والد ماجد !
وسط فجعية كيان بحلمها و محاولتها الإبتعاد عثرت أخيرا على أخيها الأكبر سلمان
وقبل أن يسألها عن سبب تأخرها دفنت وجهها بصدره و انهارت باكية
كانت تبكي بحرقة كانت شهقاتها مكتومة
كانت تأن ألما !
سلمان من هول الموقف ولأنه لأول مرة يراها هكذا ، ما كان منه إلا أن احتضنها دون أن يسألها عن السبب !


مرّ اليوم الأول لكيان في فيينا دون أن تنطق بكلمة
كانت عيناها تحكي أن ثمة شيء جعلها جسدا بلا روح
ذبلت ملامحها بشكل مُخيف ، قاسي
كانت تشعر بطعم المرارة كلما تذكرت ذاكَ المشهد المزيّف ، المشهد الكاذب الذي دمر حلمها لشدة صدقه !
ماجد كان يقارب الست سنوات !! ، معنى ذلك أنّها مذ لقائها الأول ب بندر كان لغيرها !
معنى ذلك أن الثلاث سنوات تلك كاذبة !
كل ما عاشته كيان كان محضُّ زيف ، حكت الأيام أوهاما خادعة
و تمسكت كيان بأحلام عقيمة لا تنجب الأفراح !
كيان كانت مشتتة ، مقهورة ، خائفة ، بائسة !
هي حتى الآن لم تفهم شيئا بعد
أين هي أم ماجد ؟ لماذا لم ترها معهم ؟ أيعقل أن بندر كاذب ؟
أيمكن أن يكون انجبر لفعل ذلك ؟
من منهما المخطئ ؟ من كان أظلم ؟
هي حتى لم تملك الفرصة لتسأل ماجد ان كان له اخوة أم لا ؟ لم تسأله أين أمه ؟
و من هي ؟
من هي التي حظيت بكل ماتمنته كيان
من هي التي شاركت بندر حياته بدلاً عن كيان ؟
من هي التي كانت طوال تلك السنوات أقرب منها إليه ؟
من هي أم أولاده ؟ .............
كانَ باب الغُرفة يُطرق بِ شدّة لكنّ كيان لم تسمعه لأنّها كانت ترفع صوت " الآي بود " لأعلى درجة
كانت صوت الماجد يصدّح بأُذنيها : " و أثاريّ حُبنا كذبة نسيت العشرة في يومين
زرعت الشوك أنا بنفسي غرست الهمّ ب ايديّا
أنا ماكنت أظن اللي يحب , يحب له شخصين !
على بالي أنا لحالي , حبيبي يموت بس فيّا
"
تنبّهت كيان أخيرًا لمقبض الباب الذي كان يتحرّك و كان خلفه من يحاول فتحه
انتزعت السماعات بسرعة و قمت على عجل نحو المرآة مسحت دمعاتها بِ كفيّها اللتان ترتجفان
و اتجهّت نحو الباب و فتحته -
حنان : وينك انتي ؟ لي أكثر من عشر دقايق عند الباب ماتسمعين ؟
كيان : كنت نايمة !
حنان : أحد ينام هالوقت , كلنا بنطلع الحين لنا ساعة ننتظرك
كيان : طيب طيب جايّه دقايق بس .
عادت كيان بسرعة نحو حقيبتها و أخرجت منها مِعطفًا أسود و شالاً أحمر لفّته حول عنقها و خرجت إليهم .

كانت كيان تسير ولا تشعر بقدميها , لم يكن البرد هو السبب
لكنّها تشعر و كأنّها فزّاعة خالية غُرست بوسط حقل كبير لا انتهاء له
كانت عيناها تحدّق في الأرض ولم تكترث ب فيينا ..
حنان كانت تسير بِ مُحاذاة كيان قبل أنْ تهزّ كتفها بقوّة مُخيفة
كيان : what !!
حنان : شوفيّ من جالس هناك !!
كيان : وييييييين ؟
حنان : on the Green Chair
- و تصفع الحياة كيان مُجددًا , انّه والد ماجد مرّة أُخرى , انّه الشخص الذي تقف الآن كيان هُنا بسببه
انّه ذاته الذيّ كان يُخبرها بالكثير عن هذه المدينة -
تلفّت كيان حولها بسرعة و لفّت الشال حول وجهها كيّ تُخفيّ ملامحها , كانت تبحث عن " ماجد " الصغير
كانت تُريد أنْ تسأله عن امه عن اخوته عن أيّ شيء , مدّت بصرها حتى رأت أُرجوحة خالية وبجانبها أُرجوحة أُخرى
وجدت ماجد عليها , خافت انْ اقتربت منه أنْ يلمحها بندر .. لكنّها اقترتب حتى جلست على الأرجوحة بجواره وتحدّثت إليه بصوت خافت :
كيان : مجوّديّ
- التفت إليها الطفل بإستغراب -
ماجد : انت من ؟
كيان : أنا اللي أعطيتك القُبعة يوم في المطار
ماجد : اييييييييه اللي طاح جوّالك
كيان : مجوّديّ انت عندك خوان ؟
ماجد : لا .. بس عنديّ اخت صغيييرة مرّة اسمها " كيان "
- يا الله , ما هذا ؟ , أهو محضّ حُلم ستستيقظ منه كيان أهو كابوس مُزعج ! أهي الحياة التي تُأرجح كيان ؟
كيان لم تتمالك نفسها و بكّت -
ماجد : ش فيك ليش تبكين ؟ تبين القُبعة أرجّعها لك ؟
كيان : لا مافيني شيء حبيبي , طيب وين ماما ؟
ماجد : هناااااك شوفيها جت جالسه مع بابا
- التفت كيان بُسرعة حتى كادت رقبتها تُكسر , ها هيّ إذن !! هاهيّ " زوجة الغالي "

هيّ ليست متوفاة كما ظنّت كيان , و لم ينفصل بندر عنها
هيّ معه , اسمها لا زال على وثيقة الزواج بجانب اسمه ! -
كان بندر في هذا الوقت يرفع يدّه ملوّحًا لإبنه كيّ يأتي
نهض ماجِد و غادر مُسرعًا نحو والديه تاركًا كيّان تتلاشى في حيرتها ألمًا !

سارت كيان نحو عائلتها بُ خطواتِ يقضمّ الظلام منها , كانت بينها وبين نفسها تُردد :
" مابين دهشتي الأولى بك ، خوفي الأول عليك
و يقظة أحلامي ، عينا الواقع المحدقة ، ثقل خطواتي في الرحيل عنك ،
و التفاتي خلسة كي ألمح إبتسامتك آخر مرة ، و الشال الملتف حول عنقي ،

و يدك التي كانت تمسك ب ياقة قميصك
و يدّك الأُخرى التي كانت تلوّح لإبنك
بين كل هذه الأشياء - في المنتصف تماما - احترقت حكاية ، و انخذلت أنثى تشبهني
"


كم هو مُؤلم أنْ تعلم أنّ الشخص الوحيد الذي كانَ هو الحياة نظرك " ليس لك "
و أنّ كلّ أحلامك التي علّقها عليه , كانت أوهام
و أنّ الغمامة البيضاء التي كانت تظللك فوق رأسك , أصبحت غمامة سوداء تجعل حياتك مُظلمة , قاتمة | قاسية !
تقدّمت كيان نحو والدها
كيان : بابا في إمكانيّة نرجع الرياض بوقت أقرب ؟
والد كيان : ليه ؟ الحين من جايين لفيينا عشانه !!
كيان : أنا تعبانة - والله - وديّ نرجع
والد كيان : سلامتك , فيك شيء ؟
كيان : إرهاق لا أكثر
- والد كيان وعدها بالعودة في أسرع فرصة , ما دامت هذه رغبتها
وفعلاً ها هيّ رحلتهم في اليوم التالي مُباشرة -

كيان كانت تُريد العودة للرياض و حسب , كان هواء فيينا يخنُقها
كانَ صوتها يبكيّ , و كانت تشعر و كأنّ سلسلة تلتف حول عُنقها تُدمي كلماتها
في الطائرة العائدة للرياض لم تُعطي كيان لفيينا حتى - التفاتة -
كانت تُريد أنْ ترحل و تترك قلبها في النمسا
أرادت العودة للرياض دونَ " كيان الساذجة " التي خُدعت في ثقتها سنواتٍ ثلاث و هاهيّ الرابعة تقتل كلّ الأشياء
أرادت أنْ تُفرّغ صدرها من الحنين , من التصديق , من الحُب .. تمامًا كما فَرغَ قلبها من الفرح
أرادت أنْ تعود للرياض ك طفلٍ لا يعرف من الحياة إلا أنّها لُعبة
مزّقت كلّ قُصاصات الوعود التي في جيب أحلامها , ألقت أُمنيتها على قارعة رصيف فيينا
وعادت " كيان " للرياض بلا كيان !



............. يتبع

التوقيع:
.


قلّ للغيابِ نقصتني; و أنا حضرتُ لِأُكملك *


تشرينْ ! غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس