عرض مشاركة واحدة
قديم 27-08-2007, 05:55 AM   #1
GivenChy
. . : زعيم القناصين : . .
 
الصورة الرمزية GivenChy
 
افتراضي ...( قدرٌ .. و شؤم ! ) ...


\
/


وجودكم .. سـ يجعل الجميل .. أجمل

\
/



الاثنين 12 يناير ..
2:30 ليلاً ..


لم أعد أحتمل !

فمنذ تزوجت أمي وأنا أعاني كل شيء ..

اقتحم حياتنا الهادئة وحش .. رغماً عنا .. وبـ رضا والدتي !

فهي تعتقد انها بعد وفاة والدي أصبحت مكسورة الجناح ..

ولا بدّ لها من الزواج حتى تحمينا وتحمي نفسها ..

ولست أدري ممّن الخطر ؟!

لا شكّ أنها لم تكن تعلم أن الخطر _كل الخطر_ هو ممن رضت أن تكون

شريكة حياته يوماً .!

منذ الليلة الأولى .. وهو يحاول بسط نفوذه .. غريبٌ هو !

لم يحاول أبداً ولو لمرة كسب رضانا .. طالما أننا لن نرض على أية حال

قاسٍ جداً .. ومتسلط .. وشرير !

تغزو أنوفنا كل ليلة رائحة المسكرات التي يجلبها إلى بيتنا هو وثلة من
رفاقه ..

تلك الجماعة الفاسدة التي يرغمني كل ليلة على الرقص لهم ..

والتمايل على أنغام الموسيقى .. وأصوات ضحكاتهم تعلو وتعلو ..

ونظراتهم التي تكاد تأكلني ..

ودموعي التي مللت من انهمارها كل مرة ..

ماذا أفعل يا إلهي ؟!

الهمّ بداخلي ماأكبره .!

حتى من كانوا يسكنون بجوارنا ومن كنت احبهم وأسعد بقربهم رحلوا ..

ولم أعد أملك شيئاً ..

لا أصدقاء .. ولا جيران .. ولا حتى إخوة !

لم أعد أملك سوى دفتري .. أفرغ فيه همي .. الذي لن يستطيع حمله !

وأمي ..

آه يا أمي ..

كم أتمنى أن أمووت ولا أرى نظرات الانكسار في عينيك ..

لن ألقي باللوم عليك .. لان هذا شيء واقع ولا مجال للأخذ والرد فيه ..

والخوض في الماضي عائق المستقبل ..

ولكنك مذنبة .. سامحك الله يا والدتي !



سقط القلم فجأة كأنما هبت عاصفة هوجاء ..

فُتح الباب بقوة ..

ذاك الرعب مرة أخرى يطل بـ كامل ثقله ..

سحبت درج مكتبتي بسرعة ورميت دفتري كي لا يصيبه شيء ..

حتى عندما أموت ..

يبقى شاهداً _على الأقل_ على جرائم ارتكبت في حق

الطفولة .. والبراءة !


" ماذا تفعلين هنا ؟! ألم تجهزي بعد ؟! "

جذبني من شعري بقوة .. ورماني على الأرض ..

" هيا أسرعي .. وإن تأخرتي سوف تنالين عقاباً أشد ! "

خرج من الغرفة ..

بينما لملمت أنا بقايا كرامتي _إن بقي شيء_ ..



شعور مؤلم جداً .. أن تكتشف أن كرامتك مهدرة ..

وأنك تقف عاجزاً عن مدّ يد العون لها ..

شعور مؤلم جداً .. أن تكتشف أن الدموع لا تنفع ..

والبكاء لا يجدي ولا يسترحم قلوبا كالصخر .. لا ترحم !

أن تكتشف أنك وحيد .. تتظاهر بالقوة ..

والكل من حولك عاجزون ..


وأمامكم جبروت ..!


خرجت من غرفتي أجر قدماي خلفي وكأنها تأبى عليّ هذا الطريق ..

مابالك يا نفسي .. هيا .. قد أعتدنا الألم !

أهو اليوم فقط ؟!

يارب ..!

أقترب شيئاً فشيئاً .. وتصطدم بوجهي رائحة نتنة ..

لا شكّ أن هؤلاء السافلون حفلتهم عامرة ..

أقترب .. وأصوات الموسيقى تعلو شيئاً فشيئاً ..

ويعتصر الألم قلبي أكثر ..

وقفت أمامهم بحقد .. وعيناي التي لم تعتد أن تكتسي هذه العلامات ..

امتلأت بها .. أجبرتها دنياها على ذلك !


" هاقد أتت " .. قالها بمكر !

" هيا يا خالد .. فلترفع صوت الموسيقى أكثر .. دعنا نستمتع "


وقفت جامدة .. ولم أتحرك .. ولم أرقص ..

" هيا .. مابك ؟ نحن ننتظرك منذ فترة .. اقتربي "

قلبي يؤلمني .. أكاد أسقط ..

لا .. حافظي على هدوئك هذه المرة أرجوك ..

لا ترقصي .. لا تهيني نفسك ..

قد أهنتها منذ زمن .. لن يجدي رفضي شيئاً ..

قد أموت !


\
/


مابين حديث نفسي وضميري .. وصوت الموسيقى ..

اقترب أكثر ..


" ألن تكوني لي الليلة .؟! "

أنحت وجهي للجهة الآخرى .. ياله من مقرف !

" هيا .. لا تكوني قاسية .. أنتِ تعلمين كم أنا متعلق بك منذ فترة "

يا إلهي .. أكاد أقتله !

لكنني عاجزة .. حتى عن التفوّه بحرف واحد ..

إلهي .. امنحني القوة ..


" هذا الوجه الملائكي لن يكون إلا لي "

مرّر يده الملوثة على وجهي ..

" ابتعد ! "

صرخت بقوة ..

ضحك كثيراً .. لا شكّ أنه يعتقد أنني أضعف من أن أفعل شيئاً ..


" لا تخافي يا صغيرتي .. لن تستطيعي الهرب مني ..

فهذا المعتوه _أشار باصبعه إلى زوج أمي_ لن يفيق .. لأن الجرعة

وضعتها بيديّ تلك له .. ولم أضعها إلا لأنني متأكد أنها قوية بما يكفل أن

ينام على مدى يومين تقريباً .. فـ كل محاولاتك البائسة لن تجدي !
"

اقترب أكثر ومال بجسده ..

" يستحسن أيضاً أن لا ترفضي لي طلباً أطلبه "


إمتلأت عيناي دهشة وخوفاً وحقداً .. يالهذا الرجل !

عليّ أن أتخذ موقفاً الآن وإلا فـ الموت سوف يكون حليفي !

وقفت صامدة كالجبل .. مع أنني بالداخل محطمة .. ويائسة ..

والحياة عندي بلا معنى .. ولا أمل !

ولكن شيءٌ ما كان يسندني .. ربما بقايا كرامة وشرف !


الكرامة .. هو الشيء الوحيد الذي لا يهون عند الانسان .. ومن لا يحترم

كرامته لا يستحق ان يكون !

لذا .. لا يستحق هؤلاء المجرمون أن يكونوا !


كفى يا رهف .. لا الدموع تنفع .. ولا التوسلات ..

إنما هي القوة الكامنة في داخلنا .. فـ لندفعها للأمام قليلاً !


صرخت بقوة ورفعت يدي عالياً .. وألقيت بها على وجهه


" حقير ! "

هدأ كل شيء .. صمت الجميع ..

والتفتوا نحوي بـ ذهووول .. وعيون متسعة

صفعته .. نعم صفعته !

خرجت بسرعة من هذا المكان الملوث والحزن يملؤني ..

مشتتة .. ضائعة .. إلهي أرشدني !

ذهبت إلى غرفتي تسبقني دموعي .. وقد اتخذت قراراً حاسماً


\
/


" رهف .. ماذا تفعلين ؟ توقفي ! "

صرخت أمي وقيّدت يديّ في خطوة يائسة محاولة أن تردعني عما أفعله ..

" اتركيني يا أمي .. اتركيني أرحل .. ألملم شتاتي .. وبقايا كبريائي وكرامتي

ااتركيني أعيش .. ماتت رهف يا أمي .. مااتت !

ماذا فعلتم بي ؟ ..

لك الله يا أمي كيف أصبحت محطمة وتحت عيناي تقبع

الهالات السؤداء التي تخفي خلفها ليالي عذاب وألم ..

كيف أصبحت ذابلة ومن في سني ينعمن بحياة أفضل كان من الممكن ان

أحظى بـ نصفها على الأقل !

كان بالإمكان أن أعيش بلا عذاب .. في كنف من يحبني ويرعاني ..

وليس من يقدمني لقمة سائغة لهؤلاء السفلة ..

أرادني يا أمي أرادني .. كيف تفهمين الألم أنتِ ؟!

منذ أن ولدت وأنا أرعى اخوتي .. ولم أتذمر فهم روحي التي أحيا بها ..

كما كنتِ أنتِ هوائي الذي أتنفسه .. ومازلتِ

ولكنك يا أمي ضعيفة جداً .. لدرجة انك لا ترحمين ..

وأنا لن أسمح لنفسي أن أكون هكذا أبداً !

حُرمت من كل شيء .. من مدرستي .. وصديقاتي ..

حتى الآلوان متنفسي الوحيد .. ولوحاتي التي حملت همي ..

كل شيء يا أمي .. كل شيء !

والآن ..

دعيني ارحل أرجوك .. فأنا لم أعد أحتمل !"



سقطت دمعة حارقة على وجنتيّ .. ونطق قلبي الحرف الأخير ..

وترجاني ضميري للبقاء بجانب امي الغالية ..


" لكنني لن أتراجع "

صرخت بداخلي ..

وكأنما استجمعت قواي التي ظننت أن الحرمان بددها ..

وطردت بداخلي بقايا حنان وحب ..

سحبت حقيبتي .. وتركت خلفي أمي ..


أمي .. آه لو تعلمين كم أحمل من حزن في قلبي .؟!

أثقلتموه بالجراح ..

ولم يعد يحتمل ..

آه لو تعلمين كم هو الألم الذي يتجسد عندما تحلّين بذاكرتي ..

أوَ غبتِ عن خيالي يوماً ؟!


الحياة أقدار ..

البعض منا قدره أن يعيش سعيداً ..

والبعض .. قدره أن لا يتذوق طعم السعادة ..

فهل هذا هو قدري أنا ؟!


لم ألتفت للخلف أبداً ..

ليس لأن رؤيتي لدموع أمي سـ تجبرني على أن أتراجع ..

بل لأنها سـ تقتلني .. إن كنت حيّةً اصلاً !

سـ تُبقي بداخلي بعضاً من حنين قد أحكمت قبضتي عليه بكلتا يديّ الهزيلتين حتى يموت ..

سـ تجبرني على أن أعود يوماً .. لأرى من آثرتُ أن ابتعد عنها وأتركها ..

أمي .. ثقي بأن الحب باقٍ لم يمت ..

ولكنني ابتعدت حتى لا أتشرب الحزن أكثر ..

حتى لا أخسر أكثر مما خسرته الآن ..


اتركيني وحيدة .. لا تهتمي بي ..

تناسي بأن رهف كانت هنا يوماً ما ..

أترجاك يا أمي .. لا تُبقي الذكرى في قلبك ..

لأن الهموم قد أثقلت كاهله .. ولستِ مجبرةً أن أكون أنا هماً آخر !

لغة العيون تترجم الاحساس .. لذا ذهبت مبتعدة ..

ذهبت .. وتركت أمي تتجرع أحزانها خلف ظهري ..

مرغمة يا أمي .. مرغمة !


\
/


أهو اغتراب وطن ؟؟!

أم اغتراب قلب وروح .؟!

لا أعلم ..

جلّ ما أعلمه هو أنني أقدمت على خطوة لم أحسب حساباً لتبعاتها أبداً !

وعلي أن أمضي قدماً .. وهذا أمر مؤكد ..

لأنه من المستحيل أن أعود لذاك الوكر مرة آخرى !


\
/


ذهبت .. أحمل بداخلي هموماً كثيرة ..

تائهة .. لاأعلم وجهتي ولا طريقي ..

مابين انكسار .. وعزيمة ..

وتحمل للمسؤولية ..

ضاعت بي طرقاتي !

الكل كان مطرقاً ..

صامتاً .. وكأنما يحدق بي بـ ذهول .. وشفقة !

يتأسف على ما آل إليه حالي ..

أجرّ خلفي حقيبتي التي جمعت فيها ماينتمي إلي ..

ورميت بداخلها دفتري ذي الاوراق المهترئة ..

الذي يحمل ألم السنين ..

أتجرع المرّ ..

الظلام دامس .. والجو في سكون يبعث على الخوف !

وأنا لاأدري أين أذهب .. ولمن ألتجأ ؟!

نظرت للطريق بريبة ..

ومرّ بذاكرتي شريط ذكرياتي المؤلم ..

رحيل أبي ..

وزواج أمي ..

والقسوة والظلم .. وتحمل المسؤولية ..

والحرمان .. بكل أشكاله !

ورحيلي .. لوجهةٍ لا أعلمها حتى الآن ..

أتهربين يارهف من عالمك وماضيك ..

ماضيك هو مستقبلك .. ملتصق بك لا يرحل ..

وان حاولتي الهرب لن تستطيعي ..

\
/


يـتـبـع ..

التوقيع:
..






اللهـُمّ وفـّقنـِي لـِكُلِّ عمـلٍ صـالحٍ ترضـى بهـ عنّـي ,
وقـرّبـنِـي بهـِ إليـك زُلـفى ...

أسـتغفركـ ربـّي وأتـوب إليـك ..



GivenChy غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس