استعمار أم استهدام بل هو الاستعباد!!
بسم الله الرحمن الرحيم
إبان الحملة الفرنسية على مصر عندما دخلها(نابليون بونابرت) كان أسلوبه تعسفيا غبيا لدرجة انه جعل الأزهر زريبة للخيول وقصفة بالمدافع وهذا من اكبر مأخذ النقاد على هذا القائد الفرنسي الذي يعتبر من مشاهير القادة العسكريين على مدى التاريخ حيث اعتبروه تصرفا ارعنا نتج عنه ثورة الشعب المصري للانتصار لدينهم طبعا بمباركة بريطانيا العظمى!! ... لكن ماذا حصل بعد ذلك !!؟
جاء دور الانجليز الذين حاكوا المؤامرات تلو الأخرى إلى أن تمكنوا من السيطرة على خديوي مصر وبالتالي سيطروا على البلد بكاملة ولكن هذه المرة كان الانجليز يمشون بخطى واضحة للاستيطان في هذا البلد ونهب ثرواته وخيراته وأهم ما بدأوا به هو أسلوب التعليم فأقاموا المدارس الانجليزية وبدأوا بتغيير الفكر الإسلامي في اصغر العقول ليتم إنشاء جيل مخدر جاهز لأوامرهم وقد نجحت خطتهم لزمن طويل حيث كان مدرسين اللغة الانجليزية والموسيقى يحصلون على أعلى المرتبات ويدرسها فاتنات جميلات مائلات مميلات !! بينما يدرس الثقافة الإسلامية كهول عرب ولا يكاد يتعدى مرتبهم عُشر ما يتقاضاه غيرهم وكذلك لمعلمي اللغة العربية!!
وبهذا تمكنوا من إنشاء أجيال همها الأول الأغاني الهابطة والأفلام الساقطة... ولكل ساقط لاقط!!
وهذا لا يعني انه لا يوجد أناس شرفاء و هم من أنقذوا بلدهم... بل هؤلاء الشرفاء احتاجوا وقتا طويلا ... طويلا جدا لتحرير بلدهم . __ انتهى _
فكل غيور يتأمل حال امتنا وما آلت إليه في هذا الزمان يجد في نفسه دافعا أن يبحث أسباب هذا الانتكاسة أو على الأقل أن يتعرف على العوامل التي أدت إلى تصدع أخر لبنات نهضة هذه الأمة (قد يعتبر البعض أن هذا الكلام هو قمة التشاؤم) ولكن من منظوري الشخصي أرى أن صرح امتنا قد ألبته الصد وع إن لم يكن قد انهار ويحتاج إلى من ينتشله ويعيد بناءه !!.
سمعنا كثيرا عن الحرب النفسية وأثرها سواء على مستوى سياسات الدول أو على مستوى اقتصاديات الشركات أو حتى على المستوى الشخصي. والغزو الفكري هو احد أسس هذه الحرب التي تستغله المنظمات والقيادات الشيطانية ضد خصومها أيا كان هذا الخصم وهذا اعتبره احد الأسباب التي أثرت على امتنا وبالأخص الجانب الإعلامي وسأتناوله بنوع من التفصيل إن شاء الله .
يقول الفيلسوف الصيني (سن تزو) أفضل الطرق لان تكسب حربا.. أن تكسبها بدون قتال هذا قبل 2500 سنة !!
في مجمل الحال إن استطعت أن أغير طريقة تفكير خصمي إلى الطريقة التي أريدها أو حتى الأقل تخديره فقد لاحت لي راية الانتصار والاستيلاء عليه بل الاستعباد إن صح التعبير, وهذه هي الطريقة التي استخدمها أعداء الأمة وبها استطاعوا أن يخدروا مارداً أقلقهم لمئات السنين ويسعون لقتله ولكن هيهات.. والله حافظ دينه إلى أمد الدهر.
لو عدنا بالتاريخ إلى الوراء خمسة عشر سنة تقريبا وبالتحديد حينما دخلت القنوات الفضائية بلادنا وكعادة المبتزين آنذاك كانت بأسعار خيالية ولا توجد إلا لدى كثير المال قليل الدين ( آنذاك) حيث كانت من مظاهر الترف وفيها ما هو غريب على مجتمعنا من معازف وخمور!... الخ
كيف كان تقبل المجتمع له ؟ بالطبع مرفوض (لدى الغالبية)ولكن بمرور الزمن ذابت تلك التقاليد وأصبح ما كان ترفا في ذلك الوقت ضرورة عند الغالبية في الوقت الحاضر وهذا تصديقا لمقولة ( كل ترف يتحول إلى ضرورة ولكن يحتاج إلى حقبة زمنية محددة)
عندما دخلت هذه الأجهزة بدأت تنخر في صلب القيم الأخلاقية للمجتمع وتعاقبت الأيام والليالي وظل تفكير الجيل وأهدافهم متعلق بأخر موضة (وستار أكاديمي )!!! ليس الكل فالصالحون كُثر ولكني أتكلم عن شريحة اكبر وأعم, وبالنسبة لي فلا احرم أو انبذ جهاز الاستقبال هذا ولكن هو سلاح ذو حدين مثله كمثل الانترنت وجهاز الجوال المزود بآلة التصوير.. فما هي طبيعة استخدام المالك له؟ ... اترك لكم حرية التفكير واستنتاج الجواب!!
لا أريد أن اخرج عن صلب الموضوع ولكن بلمحة سريعة فلنستعرض التغيير الذي حصل لدى الجيل الذي تعلق بالفضائيات:
- الجهل بحدود الله وفيما يخص الحرام والحلال في التعاملات والحياة الاجتماعية ككل ( لا نستبعد يوما ما أن يأتي من يقول إن الخمر ليس بحرام ويضع شروطا لشربه على غرار تحليل الأغاني والتدخين عند البعض )
- تغير مفاجئ في الاهتمامات والطموح حيث نجد طفلا في السابعة من عمره أكثر ما يطمح إليه..شراء (جهاز جوال بكاميرا)!!
- تبلد حسي من ناحية قضايا الأمة الإسلامية كقضية فلسطين وأفغانستان والعراق وحتى الدعاء الذي هو اضعف الإيمان لا نجده إلا عند القلة القليلة
- عدم الاهتمام بالعلم والتعلم وعدم الاكتراث بالنتائج
- تكوين صورة غير صحيحة عن الشعوب ( فهل الصورة المتكونة عن الشعب اللبناني كما تصورها إنتاجيات النصارى من عهر وفجور وفي المقابل نجد أن أطيب الشعوب وارحمهم هم الشعب الأمريكي)!!!!!!!
- عدم القدرة على اتخاذ القرار الصائب لكثرة المعلومات المتدفقة وقلة تأصل الفكر المبني على أسس علمية
الكثير من التغيير طرأ على شبابنا (وشاباتنا) فالنقاط أعلاه هي على سبيل المثال لا الحصر طبعا لا أريد أن أهمش عامل التربية فهو أقوى عوامل التأثير على عقلية الشاب(الشابة) ولكن إن كان المربي يحتاج إلى من يربيه!!.
عندما أرادت أمريكا ضرب العراق .. أخذت تلوح وتتنطع بهذا الخبر تسعة أشهر إلى أن تعودت الشعوب على سماع هذا الخبر وعندما حانت ساعة الصفر كان ما حصل مجرد خبر ضمن أخبار الاقتصاد والرياضة وهذا هو أفيون الشعوب الإعلام والإعلام المضاد!
الخلاصة:
نحن بمواجهة حملة فكرية شرسة بدأت بالاعلام المخادع والنخر باساليب التعليم ولكن أين ستنتهي!!.
فهؤلاء أعدائنا قد استعمروا ما هو أهم من الأرض... استعمروا العقول .. فهل عقولنا مستعمرة أم حرة أبيه لها حرية التفكير والتمييز بين الخبيث والطيب بين الخطأ والصواب وبين الحق والباطل؟
ماذا فعلت أنت لنصرة أمتك وإخوانك المسلمين؟ كل ما عليك هو أن تفكر لتجد أي وسيلة تكون إحدى لبنات صرح مجتمعنا الإسلامي, وأضعف الإيمان هو الدعاء في كل صلاة.
رغم تحفظي على كلمة ( استعمار) ولكني استخدمتها مجازا عوضا عن الاستعباد
أختم بتقسيم لابن القيم للذنوب في كتابه الداء والدواء يقول الشيخ الذنوب أربعة أنواع اذكر منها
الملكية والبهيمية
الملكية وهي من يدعي صفات الخالق جل وعلا مثل فرعون, وهذا والحمد لله لا يوجد بين ظهرانينا
أما الذنوب البهيمية فهي التي يتبع بها العبد شهوته أيا كانت ( وهي أكثر ما يقع فيه الخلق) :(
منقول :(