بسم الله الرحمن الرحيم
مع كثرة إنشغال الناس بالدنيا ومفاتنها أحببت يا أخوتي أن نتذكر سوياً
ماذا سيحل بنا بعد الممات لكي نحتاط ونتأبه لأنفسنا قبل أن لا يباغتنا الموت
ونحن في غفلة من أمرنا وكتبت لكم هذه القصة لعل وعسى
أن تكون سبباً في صلاح أحدنا......
قبل أن لاينفع الندم
صحوت من النوم فجأة في عيني نور غريب وقويجدا استعجبت أمر النور من أين أتى
واندهشت عندما وجدت الساعة تشير إلى الساعة 3صباحا وأن مصباح الغرفة كان
طافياً؟!
حارت تساؤلاتي من أين هذا النور؟؟؟!!!
وعندما التفت ؟؟؟ فزعت جداً ... وجدت نصف يدي داخلالجدار
أخرجتها بسرعة
خرجت يدي
فنظرت إليها بعجب؟؟!!
أرجعتها إلى الجدار مرة أخرى فوجدتها دخلت
اندهشت؟؟!!
ما الذي يحصل؟؟
بينما أنا بين تساؤلاتي إذا بي أسمع صوتضحك
نظرت إلى ناحية الصوت فوجدت أخي نائماً بجانبي
ورأيتهيحلم
يحلم بأنه يركب سيارة حديثة
وانه ذاهب إلى حفلة كبيرهجداً
لناس أغنياء جداً
وانه في أبهى حله وليكون أجمل من فيالحفلة
وكان سعيد جداً وكان يضحك
ابتسمت من روعة المنظر ... ولكن!!
شدني انتباهي إلى واقعي ... ما الذي يحصل؟؟؟
فقمت منسريري
ركضت إلى حجرة أمي ... لطالما ركضت إليها في مرضي وتعبي
جلستإلى جوار رأسها وقمت أناديها بصوت خافت ... أمي ... أمي!
ولكن أمي لا تستجبلي .. فقمت أوكزها برقة ... ولكنها لا ترد ..... وكأني لا
ألمسها ..!!
بدأ الخوف يتملكني ... وأخذت أرفع صوتي قليلاً .. أمي ... أمي ..!!
صرخت ..... ولكن لم لا تستجيب لي .... هل ماتت ؟؟؟
وأنا فيذهولي وصعقتي بتخيل موت أمي ... إذا بها تفوق من نومها كمن كانت بكابوس
كانتفزعة جداً وتلهث ... وتنظر يمنة ويسرة ... فبرق دمعي على عيني وقلتبصوت
خافت: أمي أنا هنا.
فلم ترد علي .....
أمي ألا تريني؟؟؟!!
أمي ؟؟؟؟
ورحت أقول أمي بكل عجب أمي ... أمي
أمي ..
أمي ..
وكانت تضع كفها على صدرها لتهدئ روعة قلبها
وتقولبسم الله الرحمن الرحيم
ثم التفتت إلى أبي ... وبدأت توضقه من نومه ..
فأجابها ببرود.. نعم؟
فقالت له قم لأطمئن على ولديّ
فردأبي: تعوذي من الشيطان ونامي
فقالت أمي:أنا قلقة جداً ... أشعر بضيق ... وضنك يملأ صدري .. وأشعر أن هناك
مصيبة
وأنا أنظر إليها بذهول ... وكنت أعلم جيداً إحساس الأم لا يخيب
فقلت : يا أمي أنا هنا ... ألا تريني ياأماه ... أمي
فقامت أمي ومشت إلى حجرتي حاولت أن أمسك لباسها ... لكن لمأستطع الإمساك به ..
وكأن يدي تخترقه
ركضت إلى أمامها ووقفت ... ماداً ذراعي لها ..
فإذا بها تمر مني ؟؟!!
فأخذت ألحقها وأصيح أماه ... أمااااااه ؟؟!
ووالدي كان خلفي ... فلم ألتفت إليه ... كي لا يتجاهلني ...
دخلت امى إلى حجرتي وأخي وأشعلت المصباح ..
الذي كان مضاءًبنظري
صعقت عندما وجدتني نائماً على سريري
فنظرت إلى يدي باستنكار ... من ذاك ... ومن أنا ...
كيف أصبحت هنا وهناك
وقطع سيل اندهاشيصوت أبي : كلهم بخير .. هيا لننم.
فردت أمي : انتظر أريد أن أطمئن علىمحمد.
ورأيتها تقترب من سريري.
وتنظر إلي بعين حرص
وتزيدقرباً من النائم على سريري.
وتضع يدها على كتفه... محمد .... محمد
لكنه لم يرد ... فصحت أنا أمي .. أنا هنا أمي
بدأت تضربه علىكتفه بقوه ... وتصيح ..... محمد .... محمد
لوت وجهه إليها وتلطمه .... محمد .... محمد .... وبدأت تعوي وهي تقول .....محمد
... محمد
فركضت إليها ... أبكي على بكائها ... أمي ... أمي
أنا هنا يا أمي ... ردي علي أماه ... أنا هنا
وفجأة صرخت ولقيت الصرخة توجع قلبي
بكيت
وقلت لها أميلا تصرخي ... أنا هنا
وهى تقول: محمد
فركض أبي إلى سرير
ووضعيده على صدري ... ليسمع نبضي .....
وآلمني بكاء أبي بهدوء ... وبهدوء يضعيده على وجهي ويمسح بوجهه على جبيني
فتقول أمي : لم لا يردمحمد
والبكاء يزيد وأنا لا أعرف ما العمل
استيقظ أخي الصغير علىالصوت أمي وهو يسال ما الذي يحصل؟؟
فردت أمي صارخة: أخاك مات يااحمد.
مات
فبكيت أقول: أمي أنا لم أمت .. أمي أنا هنا ... والله لمأمت ... ألا تريني
أمي ...... أمي
أنا هنا انظري إلي
ألاتسمعيني
لكن بدون أمل
رفعت يدي ...لأدعو ربي
ولكن لا يوجد سقفلمنزلنا
ورأيت خلق غير البشر وأحسست بألم رهيب
ألم جحظت له عينايوسكتت عنه آلامي
نظرت لأخي فوجدته يضرب بيده على رأسه وينظر إلى ذاك السريرقلت له: اسكت أنت
تعذبني
لكنه كان يزيد الصراخ
وأمي تبكي فيحضن أبي
وزاد والنحيب
وقفت أمامهم عاجزاً ومذهول
رفعت راسيإلى السماء وقلت: يا رب ما الذي يحصل لي يا رب
وسمعت صوت من حولي ... آتياً .. من بعيد ..... بلا مصدر
تمعنت في القول سمعي
فوجدت الصوت يعلو ... ويزيد ... وكأنه قرآن
نعم إنه قرآن والصوت بدأ يقوى ويقوى ويقوى
هزنيمن شدته
كان يقول : ' لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَاعَنكَ غِطَاءكَ
فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ'
شعرت به مخاطباًإياي.
وفى هول الصوت
وجدت أيدي تمسك بي
ليسوا مثلالبشر
يقولوا: تعال.
قلت لهم ومن انتم؟
وماذاتريدون؟
فشدوني إليهم فصرخت
أتركوني
لا تبعدوني عن أمي وأبي ... وأخي .....
هم يظنوا أني مت...
فردوا : وأنت فعلاًميت
قلت لهم: كيف وأنا أرى وأسمع وأحس بكل شيء
ابتسموا وقالوا: عجيبأمركم يا معشر بشر أتظنون أن الموت نهاية الحياة؟
ألا تدرون أنكم فيالبداية؟
وحلم طويل ستصحون منه
إلى عالم البرزخ
سألتهم أينأنا ؟؟ ... وإلى أين ستأخذونني؟؟
قالا لي: نحنا حرسك إلى القبر
ارتعشتخوفا
أي قبر؟
وهل ستدخلونني القبر
فقالا: كل ابن آدمداخله
فقلت: لكن..!
فقالا: هذا شرع الله في ابن آدم
فقلت: لمأسعد بها من كلمة في حياتي .... كنت أخشاها ويرتعد لها جسمي ... وكنت
أستعيذالله منها وأتناساها.
لم أتخيل أني في يوم من الأيام داخل إلىالقبر.
سألتهم وجسمي يرتعش من هول ما أنا به: هل ستتركونني في القبروحدي؟
فقالا: إنما عملك وحده معك.
فاستبشرت وقلت وكيف هو عملي؟؟ أهوصالح؟
......
وحطم صمتنا صوت صريخ أحدهم فالتفت أليه ... ونظرت إلىآخر .... فوجدته مبتسماً
بكل رضا
وكل واحد منهم لديه نفس الاثنينمثلي.
سألتهم: لم يبكي؟!
فقالا: يعرف مصيره. كان من أهلالضلال
قلت: أيدخل النار؟ واسترأفت بحاله
وهذا؟؟ وكان متبسماً سعيداًرضياً .. أيدخل الجنة؟؟
ماذا عني؟
أين سأكون ؟
هل إلى نعيممثل هذا أم إلى جحيم مثل ذاك؟
أجيبوني ..
فردا: هما كانا يعلمان أينهما في الدنيا. والآن يعلمون أين هم في الآخرة.
وأنت؟! كيف عشتدنياك؟؟
فرددت : تائه؟ .. متردد؟
قليلٌ من العمل الصالح وقليل منالطالح؟
أتوب تارة وأعود بالمعاصي كما كنت؟
لم أكن أعلم غير أنالدنيا تسوقني كالأنعام.
فقالا: وكيف أنت اليوم هلستضل متردداًتائهاً؟
فصرخت:ماذا تقصد .. أواقع في النار أنا؟
فقالا: النار .. رحمة الله واسعة
ولا زالت رحلتك طويلة.
نظرت خلفي ... فوجدت عمي وأبيوأخي يبكون خلفي
يحملون صندوق على أكتافهم
ركضت مسرعاًإليهم
صرخت .... وصرخت .. ولم يرد علي أحد
أمي كانت بين الناس تبكي ... تقطع قلبي وذهبت إليها ... فقلت أماه ... لا تبكِ
.. أنا هنا أسمعيني ... أمي ... أمي ... أدعي لي يا أمي وقفت بجانب أبي : وقلت
في أذنه: أبي ... استودعتك الله وأمي يا أبي ... فلترعاها ... وتحبها كما
أحببتنا .... وأحببناك .....
صرخت إلى أخي ... أحب إلى من نفسي ... وقلت له ... محمدفلتترك الدنيا خلفك ...
إياك ورفقة السوء وعليك بالعمل الصالح ... الخالصلوجه ربك ... ولا تنسى أن
تدعوا لي وتتصدق لي .. وتعتمر لي ... فقد انقطععملي .. فلا تقطع عملك .. حتى
بعد موتك ... فقد فاتني .. ولم يفتك أنت ... وتذكرني ما دامت بك الروح وإياك
والدنيا فإنها رخيصة ولا تنفع من زارها ... وقفت على رأسهم كلهم ... وصرخت
بكل صوتي:وداعاً أحبتي .. لكم يحزنني فرقكم ... ولكن إلى دار المعاد معادنا .. نلتقي على
سرر متقابلين .. أن كنا منأصحاب اليمين ..
لم يجبني أحد ... كلهم يبكون ... ولم يسمعني أحد ... تقطعقلبي من وداعهم بلا وداع
لم أتمنى قبل ذهابي إلا أن يسمعوني
وشدنيصحبي .. وأنزلوني قبري
ووضعوا روحي على جسدي في قبري
ورأيت أبي يرشعلى جسدي التراب
حتى ودعني .. وأغلق قبري
لا يشعرون بماأشعر
وأحسدهم على الدنيا ... لطالما كانت مرتع الحسنات ولم آخذ منهاشيء
لكن لا ينفعني ندم
كنت أبكى وكانوا يبكون
كنت أخاف عليهممن الدنيا
وأتمنى إذا صرخت أن يسمعوني
وخرجوا كلهم وسمعت قرعنعالهم
وبدأت حياتي ... في البرزخ ....
بهذه الدمعات الحارقه نختتم هذا الموضوع
وكلنا آمل في دخول جنة كعرض السموات والأرض
اللهم يا أرحم الراحمين
أغفر لموتانا وموتى المسلمين
ونقهم من الذنوب والخطايا
كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس
وأجعل قبرهم روضة من رياض الجنة
وأغفرلنا و أرحمنا و أرزقنا
فردوسك
اللهم آمين
وصلى الله وسلم على نبينا محمد
...دمتم بود و أحترام...
سهوم الصمت