صباح الخير
الصداقة تلك التي لولاها لعاش البشر في وحدة لا مفر منها.
مثلاُ, هنالك أصدقاء تبوح لهم بأشياء لا تبوح بها لأسرتك.
الصداقة نعمة من الخالق عز و جل لنا يجهل كثير منا فائدتها,
هي رحمة لنا لا نقدرها أحياناً. الأصدقاء من وجهة نظر
دراستي للموضوع و التي تتوافق مع وجهة نظري, ثلاثة أنواع هم:
صديق مقرب, صديق مفضل, و صديق بالمعرفة.
*الصديق المقرب: ذلك الذي تكن له الاحترام و المودة
ويبادلك نفس الشعور, يشابهك في بعض الصفات,
يشابهك في المزاج, بل ربما أيضاً تتشابهان في الملامح!.
تتشاركان البسمة و الدمعة بل و أكثر من ذلك, كل شيء تقريباً.
لا يجرؤ على الخيانة أو التجريح أو الغش معك. باختصار
هو صديق وفي.
*الصديق المفضل: هو الذي تفتح له قلبك دون سواه,
لا تخشى مصارحته بما يجول في خاطرك و يخفيه قلبك,
يفهمك و تفهمه دون طلاسم أو تلميحات. الملجأ الثاني
بعد الخالق جل و علا إن ضايقك أمر ما. تحبه و يحبك
دون أن يحمل ذلك الحب خلفه مغزى أو هدف. إن خاصمته
أو خاصمك يبيت كل واحد منكما مشغول البال حتى يبادر
أحدكما بالسلام. باختصار لله درها من صداقة.
*الصديق بالمعرفة: هو صديق تعرفه و يعرفك, تستطيع تمييز صوته,
مشيته, هيئته عن بعد. تجمعكما الدراسة, العمل, المصلحة.
ليس بالضرورة أن تكن له أية مشاعر. ربما
يكون أكثر شيء تفعلانه هو الكلام في أشياء تخص المجال
الذي يحيط بكم. لا تعلم ما يخفيه لك و هو يجهل ما تخفيه أنت.
باختصار هي صداقة غير صادقة.
*لقد ترنم الشعراء بالصداقة على مر العصور بوصفهم
لتجربتهم الشخصية أو وصفهم لها في أزمنة مختلفة,
هناك عدة أبيات تناولت موضوع الصداقة منها:
وَما الخَيلُ إلاَّ كالصَديقِ قَلِيلة وإن كَثُرَت فـي عَيْنِ مَن لا يُجرِّبُ
وَمِن نَكَدِ الدنيا على الحُرِّ أَن يَرَى عَـدُوًّا لهُ ما من صَداقَتِه بُـدُّ
شرُ البلاد بلادٌ لا صديقَ بها و شرُ ما يكسبُ الإنسان ما يصمُ
إذا كنت في كل الامور معاتباً صديقكَ لم تلق الذي لا تعاتبهُ
سلامٌ على الدُنيا إذا لَم يكُن بِها صديقٌ صدوقٌ صادقُ الوعدِ مُنصِفا
فليس الصَّديق صديقَ الرَّخاء ولكن إِذا قَعَدَ الدهر قاما
إذا المرءُ لم يحفظ ثلاثاً فبِعهُ ولو بكفً مِن رَماد
وفاءً للصديقِ وبذلَ مال وكتمانِ السرائرِ في الفؤادِ
ما أكثر الأصحاب حين تعدهم لكنهم في النائبات قليل
*و هنالك أيضاً أقوال مأثورة في الصداقة مثل:
الصديق وقت الضيق
الصداقة بئر يزداد عمقا كلما اخذت منه
اذا اردت ان تحتفظ بالصديق فكن انت أولاً الصديق
الصداقة كالمظلة كلما اشتد المطر اشتدت حاجاتنا اليها
طعنة العدو تدمي الجسد وطعنة الصديق تدمي القلب
*هنالك أيضاً قصة تحكي لنا عن روعة الصداقة
و تبين لنا ما تحمله من معاني سامية و ثمينة.
تقول:
ظل الصديقان يسيران في الصحراء يومين كاملين
حتى بلغ بهما العطش والتعب واليأس مبلغاً شديدا
وبعد جدال واحتداد حول أفضل الطرق للوصول إلى حيث الأمان والماء
صفع أحدهم الآخر
فلم يفعل المصفوع أكثر من أن كتب على الرمل
تجادلت اليوم مع صديقي فصفعني على وجهي
ثم واصلا السير إلى أن بلغا عيناً من الماء
فشربا منها حتى ارتويا ونزلا ليسبحا
ولكن الذي تلقى الصفعة لم يكن يجيد السباحة
فأوشك على الغرق
فبادر الآخر إلى إنقاذه
وبعد أن استرد الموشك على الغرق (وهو نفسه الذي تلقى الصفعة) أنفاسه
أخرج من جيبه سكيناً صغيرة
ونقش على صخرة
اليوم أنقذ صديقي حياتي
هنا بادره الصديق الذي قام بالصفع والإنقاذ بالسؤال
لماذا كتبت صفعتي لك على الرمل وإنقاذي لحياتك على الصخر؟
فكان أن أجابه
لأنني رأيت في الصفعة حدثاً عابراً
وسجلتها على الرمل لتذروها الرياح بسرعة
أما إنقاذك لي فعملٌ كبير وأصيل
وأريد له أن يستعصي على المحو فكتبته على الصخر..
أعجبتني هذه الحكاية
لأنني لاحظت أن هناك في الخصومة من يقلب المودة إلى عداوة وبغضاء
وهناك من لا يفوت للصديق هفوة أو زلة
مع أن الصحيح أن نقبل الأصدقاء على علاتهم
مدركين أنهم مثلنا ليسوا كاملين.
:"خير الإخوان من نسي ذنبك وذكر إحسانك إليه"