نجمٌ لمع بريقا وسطع.. بين أكوام تلك السحب البعيدة في سماء كرة القدم.. نجمٌ انفرد نورا.. وتلألأ في ليل معتم.. نجم أبدع وأمتع.. على ضفاف شواطئ المستديرة.. نجم اعتلى الهامات ليقول ها أنا ذا.. نجم سلب أعين أولئك العشاق.. نجم ألهم العقول أفكارا.. والأنامل أقلاما.. لتصدح به بين جبالٍ صم ليتردد صدى اسمه على كل مسمع.. نجم استحق الذكر والثناء.. وجه تجلت محياه في صورة التقطها مبدع.. وسط زحام يملأ أركان المشهد..
نجم سبق كل النجوم من حوله.. فرصده منظار ''الاقتصادية'' في زاوية ''نجم الأسبوع''، والتي قربت عدستها لكم اليوم نجمنا ياسر القحطاني.
في وقت سابق وبشكل أدق الموسم الماضي كانت هناك عينان حدقتا النظر في النجم الدولي ياسر القحطاني مهاجم المنتخب السعودي، عين الهلال وعين الاتحاد سعيا من الاثنتين لأن يكسب بريقها إعجاب ذلك الرامي الصغير ياسر، وعلى الرغم من براءة بريق تلك العينين اللتين أطالتا النظر إلا أنه سرعان ما تحول ذلك البريق إلى احمرار مدم نتج عن صراع ضروس حول ضم ''رامي السهام'' للهلال أو الاتحاد، الأمر الذي صعد فيه اسم ياسر القحطاني أفق كل مجلس ليأخذ النصيب الأكبر من أحاديث السمر بل أخذت قضية انتقاله أصعدة اجتماعية وحتى دينية داخل السعودية وخارجها، إلى حين أفصح ''القناص'' الصغير عن رغبته مهما كلف الأمر بأن يكون هلاليا وكان ليثبت نظرية تشير إلى أن القناص شخص صعب المراس.
وبعد أمر جدلي واسع انتهى التحديق وبقيت العينان هلاليتين تنظران في حال قناصها وما سيؤول إليه أمره علما بأن سيناريو عقد انتقاله ضم فصلين من فصول حياته مع ''الزعيم''، فصل شارف على الانتهاء وفصل بدأ الأخذ والرد فيه، وأخيرا ما أدلى به الأمير محمد بن فيصل رئيس الهلال من أن فصل قناصكم يا جماهير الزعيم بيد ثلاثة من أعضاء الشرف في النادي.
الطير تهجر أوكارها إذا أبصرت.. من حولها رامي السهام يصيد، صدق شاعر ذلك البيت فقد تحول ياسر القحطاني لاعب الهلال إلى شبح مخيف يحاول مدافعو الفرق الأخرى تجاهل منظره، بل وأصبح الرامي الصغير شخص مرهب يقض مضاجع محبي الهلال حتى ولو جاء ذلك الخوف مضمرا وداخليا لأنه سيبدو للعيان واضحا في شهر ديسمبر المقبل، موعد الحصة الثانية من عقد ياسر مع الهلال بـ 11250 مليون ريال.
ولعل من أسباب التخوف تلك النابعة من إعجاب الجماهير الهلالية وكيفية المحافظة عليه كنجم هلالي، هو عظم شأن موهبة ياسر الفذة والتي برزت خلال بطولة أسيا للمنتخبات إبان مشاركته المنتخب السعودي إلا أن هذه الموهبة لم تسعفها الظروف للظهور بشكل مقنع حتى بزغت في البطولة العربية التي أقيمت في الكويت أخيرا ونال لقباها الأخضر ولم يتوقف زحف هذه الموهبة بل امتدت عروقها وتشعبت في ألباب محبي المجنونة المستديرة خلال مشاركته الأولى في تصفيات كأس العالم للمونديال الألماني المقبل 2006 مع الأخضر الذي كسب الرهان وتأهل لعهد جديد، حيث شهدت مشاركته المونديالية نضجا منقطع النظير، خصوصا في اللقاء الذي جمع المنتخب السعودي بنظيره الكوري الجنوبي في الجولة الأولى من التصفيات المونديالية. هذه رواية ياسر القحطاني الإنسان الخلوق قبل اللاعب الفذ والرائع مع عشق الجماهير الهلالية له.
وبعد انتقاله للهلال وفي الوقت الذي تزامن مع غياب الدولي سامي الجابر القائد الرباعي المخضرم عن قيادة فريقه في مستهل هذا الموسم وغيابه عن المعسكر الخارجي الذي أقامه الهلال في البرتغال، وتحديدا في لقاء دوري خاضه بطل رباعية الموسم الماضي أمام فريق الحزم والذي انتهى بفوز الأول بهدفين، عمل ياسر القحطاني ذلك ''القناص'' بنصيحة أحد الأدباء العرب والتي تشير إلى أن على القناص ألا يطيل فترة نصب شباكه بل أن يهاجم ضحيته عند أقرب وأسنح فرصة، الأمر الذي فعله المهاجم ياسر حيث اصطاد أول فرائسه الزرقاء أمام الحزم ليعلن بهذه الطريدة التي اصطادها لجماهير ''الزعيم'' أنها موعد بداية موسم الاصطياد في ساحات يعشقها ''رامي السهام'' الذي لم يتوان عن رمي سهمه في الحزم مسجلا هدفه الأول، بذلك بدأ ياسر القحطاني حملة عوز الهلال لخدماته بشكل لافت، لاسيما أنه من اللاعبين الموعودين بالمستقبل المشرق، ليبدأ إلحاح الجماهير بأهمية التمسك برامي السهام الوسيم.
فهل يكون هدفه الأول ولقاء الأهلي البارحة على نهائي كأس الأمير فيصل بن فهد هو الأمر الحاسم لدوامة الصداع الهلالي التي ما تفتأ إلا وأن تعود، وهل الهالة الإعلامية التي صاحبت انتقال للهلال ستكون خير دافع لرامي السهام بأن يرضي طموحات الجماهير الهلالية التي تنظر إليه كالأسطورة نتيجة الزخم الإعلامي وخير شاهد يومه ومرانه الأول في النادي، أم أن ياسر صاحب الوجه الباسم دائما سيردد بثقة إذا أردتم بلوغ الهدف فاتخذوا من رامي السهام مثلا.
غوفي السياق ذاته أجاد الوطني عبد العزيز الخالد من خلال رؤيته الفنية قراءة مميزات وسلبيات رامي السهام وأوضح لـ''الاقتصادية'' أن ياسر القحطاني لاعب يتميز بأمور عامة قبل الجوانب الفنية ولعل أهمها تميزه بالفكر الاحترافي الناضج والجيد والمطلوب من اللاعبين في هذا العصر معتبرا هذه الميزة من أهم ميزات اللاعب حاليا، ومنوها بالثقافة العامة التي يتمتع بها القحطاني بجانب الفكر الاحترافي، مشيرا إلى أنه متحدث جيد يعرف ماذا يقول وأنه رجل يعرف ماذا يريد في المستقبل أن يكون وشخص يخطط بوعي وبشكل مرتب لمستقبله مشددا على أهمية ذلك الآن. وفي الصعيد الفني نوه الخالد بمميزات القحطاني الفنية خصوصا امتلاكه الجانب المهاري العالي، والحساسية الجيدة تجاه المرمى إضافة إلى الفكر الكروي الممتاز داخل الملعب، كل ذلك بجانب التحرك الجيد دون كرة وخدمة زملائه في المراكز الأخرى وصنع الهجمات، واستطرد أنه رغم صغر سنه إلا أن مشاركات اللاعب خصوصا الدولية مع المنتخب أكسبته خبرة جيدة، كما يمتاز بإجادة اللعب بالقدمين والكرات الرأسية والألعاب الهوائية مستشهدا بمباراة السعودية والكويت في تصفيات كأس العالم، مشددا الخالد على أنه يشابه العديد من اللاعبين الكبار في العالم حيث المحافظة القوية على الكرة فهو يمتاز بعدم تخليه عن الكرة بسهولة بل يصنع من الهجمات الضعيفة هجمات خطرة وقوية يحرج بها المدافعين دائما، مشيدا بقرار انتقاله للهلال كونه ناديا يمتلك نجوما كبارا وإنجازات عريضة، ومن جانب سلبيات اللاعب أشار الخالد إلى أنه تقل سلبياته ما عدا قصر قامته الذي يستطيع أن يعوضه بالارتقاء الجيد حتى من مكانه، وحول مستقبله الفني أبان أن القحطاني ينتظره شأن كبير إذا حافظ على مستواه وعقليته الناضجة الواعية مركزا في نهاية رؤيته الفنية على أهمية وجوده في اللقاءات، خصوصا الحاسمة والتي أولها البارحة أمام الأهلي.