بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 
احبتي ..
كثير ما نسمع ونشاهد من هم يتساهلون بالحلف بالله ولأسباب تافهه ( اللهم لا تؤاخذنا بما يفعله سفهاؤنا) ..
وكأنه نسي قوله عز وجل : ( ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم ) ..
والأدهى والأمر من تساهل و [{ كــــذب }] بحلفه !!!
اخي .. اخيتي .. الا تخاف وعيده سبحانه ..
ألا تعرف .. ألا تعرفين ماهي [ اليمين الغموس ] !!
اليكم التعريف الكامل لهذه اليمين اللتي "غلظ" سبحانه عذاب من فعلها وتساهل بأمرها ..!!
ما حكم اليمين الكاذب والحلف الكاذب لأجل اداء فريضة الحج؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد :
ان هدف الاسلام الأسمى ان يصل المسلمون الى تمثيل هذا الدين العظيم فهما ومعاملة ...
وكي تتحقق الثانية فيصبح الاسلام عملا في حياة الناس كان لا بد من اخراج سلسلة ترشيدية في المفاهيم الاسلامية التي يحتاج اليها المسلم في حياته .
وعليه رأى المجلس الاسلامي للافتاء في الحركة الاسلامية ان تخرج هذه المفاهيم الاسلامية مصوغة صياغة شرعية تربوية توجه أهل هذه الديار الى تعظيم محارم الله واتقائها .
وان من المســـــتحدثات السيئة في المجتمع الحلف الكاذب او اليمين الكاذب .
أ- اليمين الكاذب او اليمين الغموس
عرفه ابن الهمام ( رحمه الله ) بقوله هو الحلف على امر ماض يتعمد فيه الكذب .
قال النووي ـ رحمه الله - فان حلف على ماض كاذب وهو عالم فهو اليمين الغموس ، وانما يسمى شرعيا اذا كان بالله تعالى او بأي صفة من صفاته .
ونقل الدكتور وهبه الزحيلي ان اليمين الغموس قد يكون بصيغة الماضي كما يكون بصيغة المضارع .
كأن يقول ( والله أكلت اللحم ) او يقول ( والله انه أحمد )، (مع انه لم يأكل لحما في الاولى وعلم انه خالد في الثانية).
وسمي اليمين الكاذب غموسا لأنه يغمس صاحبه في النار وقيل لأنه غمس اسم الله بالكذب .
ب- اليمين الغموس من الكبائر
اليمين الغموس حرام باتفاق علماء المسلمين والحالف كاذبا يأثم عندهم جميعا بل عد جمهور اهل العلم اليمين الغموس من الكبائر كابن حجر الهيتمي فقد عده من الكبائر في ( الزواجر عن اقتراف الكبائر ) ، والامام الذهبي عد اليمين الغموس الكبيرة الخامسة والعشرين وهو ما قاله النووي في ( الروضة ) وابن الهمام في ( فتح القدير ) وكذا محمد بن عبد الوهاب في كتاب ( الكبائر ) واما الامام الشوكاني - رحمه الله - فقط غلظ في تفسيره والمسمى ( فتح القدير ) فقال :( بل ما ورد في اليمين الغموس الا الوعيد والترهيب وانها من الكبائر بل من اكبر الكبائر وفيها نزل قوله تعالى: { ان الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا اولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر اليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم } ( آل عمران 77).
ويقول الدكتور احمد الكردي عن اليمين الغموس وهي من أكبر الكبائر عند الله تعالى وكذا افتى الدكتور عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر الشريف وعدها الشيخ ابراهيم العاملي الكبيرة الثانية والثلاثين في كتابه ( نزهة البصائر في معرفة الكبائر ) .
ت-ادلة اعتبار اليمين الغموس من الكبائر
قال تعالى :{ ان الذين يشترون بعهد الله وايمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر اليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم } ( آل عمران 77).
قال تعالى: { وكانوا يصرون على الحنث العظيم } ، كأن الآية تقول فاستحقوا العذاب لأنهم اصروا على الحنث العظيم .
نقل ابن كثير في تفسيره للآية عن الشعبي - رحمه الله- من التابعين قال : هو اليمين الغموس ونسبه آخرون في تفاسيرهم لغير الشعبي ايضا .
قال صلى الله عليه وسلم :( من حلف على يمين وهو فيها فاجر ليقتطع بها مال مسلم لقي الله تعالى وهو عليه غضبان ) متفق عليه .
ولا شك ان اليمين الكاذبة قد تختلف فقد تكون لاقتطاع مال رجل مسلم بغير حق فهي من الكبائر وقد تكون لاقتطاع حق غير مالي لرجل مسلم فيسري عليهما ذات الحكم كاقتطاع حقه في الانتفاع بعين معينة او حقه في مباح ويدخل في ذلك انتزاع حق مسلم في الحج لبيت الله الحرام ، حيث ان الكثيرين يعمدون الى حلف الايمان الكاذبة انه ما حج من قبل وقد حج فيسلب حق اخيه المسلم في الحج واعظم منه نكارة واشنع منه من يحلف الايمان المغلظة زورا وبهتانا ان فلانة من الناس من محارمه وهي ليست كذلك وهو انما يفعل ما يفعل بسذاجة تامة ظنا منه انه يحسن اليها وانما اساء حيث عصت ابا القاسم صلى الله عليه وسلم بحجها هذا ، فأما هي فأثمت بسفرها فوق مسافة القصر بلا محرم وأما هو فأثم بموافقتها ويمينه الكاذبة .
قال صلى الله عليه وسلم: ( ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم ) فقرأ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ثلاث مرات فقال ابو ذر : خابوا وخسروا يا رسول الله من هم ؟ قال:( المسبل ) اي المطيل رداءه كبرا وخيلاء ( والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب رواه مسلم وأبو داوود وغيرهما فاذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد توعد من انفق سلعته باليمين الكاذب فما بال الناس هذه الايام يكثرون الحلف على بضائعهم ليروجوها وربما اخفوا عيبا يعلمونه في السلعة فيكونون قد غشوا هذا المسلم وسلكوا لسبيلهم الحلف الكاذب وهذا منتشر في اسواقنا والمحلات التجارية دون ان يستحضر التاجر عظمة الله وهيبة الوقوف بين يديه .
وقد أثر ان النصارى لما ارادوا اخراج المسلمين من الاندلس ارسل كبير قساوستهم رجلا ليشتري له سلعة من سوق المسلمين فلما ان اوشك على الدخول لأحد المحلات التجارية قال له التاجر : اما انا فلقد بعت اليوم واما صاحبي لم يبع شيئا فليتك اتيته فاشتريت من بضاعته فذهب النصراني واشترى من التاجر الآخر ثم عاد الى الراهب فقص عليه الخبر فاستبعد الراهب هزيمة المسلمين وبعد سنوات ارسل القساوسة رجلا آخر فتنازع التجار المسلمون فيما بينهم كل يريد ان يشتري هذا الرجل من سلعته وكل يحلف عليها فلما عاد الى القساوسة قالوا : الآن جاء دور هزيمة المسلمين .
وقد صرح صلى الله عليه وسلم في عد اليمين الغموس من الكبائر فقد روى البخاري وغيره عن ابن عمر - رضي الله عنه - قال جاء اعرابي الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، ما الكبائر ؟ فذكر في الحديث ( الاشراك بالله وعقوق الوالدين وقتل النفس واليمين الغموس ...)
وقد قال سعيد بن المسيب - رضي الله عنه وهو من اعلام التابعين وقال : هي من الكبائر وهي أعظم من ان تكفر .
اليمين الغموس صاحبها في النار ولا كفارة لها
قدمنا ان الحلف الكاذب ""حرام"" ، بل هو من م فقد يسأل سائل ما كفارة اليمين الغموس فنقول : ان جمهور العلماء من الحنفية والمالكية والحنابلة ذهبوا الى ان لا كفارة في اليمين الغموس ، يقول الزحيلي لأن الذي اتى به الحالف اعظم من ان تكون فيه كفارة فلا ترفع الكفارة اثمها ولا تشرع فيها ، وقد سميت بالغموس لأنها تغمس صاحبها في النار او في الاثم ولما كانت اليمين الغموس تعدي على حقوق المسلمين فلا تنفع فيها الكفارة ولا تجزئ عن الذنب الذي اقترفه لان للمجتمع حقا والذي يكذب مستخدما الايمان يكون سببا لضياع كثير من حقوق الناس لذلك وجب زجره مع تحقق العقوبة الأخروية .
الحلف كذبا لأجل الحج
قد رأيت وعلمت ان اليمين الغموس من الكبائر عند العلماء ويلزم صاحبها توبة صادقة كي يغفر له ولا تكفي الكفارة في الراجح من اقوال اهل العلم .
وعليه فلا يتوسل بما هو غير مشروع لما كان مشروعا فالغاية الحسنة لا تبرر الوسيلة وان كان مشروعا في اصله الا انه لا يتوصل اليه بيمين حرام كمن يحلف انه لم يحج من قبل وقد حج.
قد جرى كثير من الناس على هذا النهج حيث يريدون الحج مرتين او ثلاثا فتُحلّفهم لجان الحج والعمرة انهم ما حجوا من قبل فيحلفون الأيمان الكاذبة ظنا منهم انه جائز لأنه يتوصل به الى أمر مشروع وهذا كلام باطل ، بل هذا الحلف حرام بل هو كبيرة وعلى صاحبه ان يتوب الى الله ولا تجزئه الكفارة ، فقد وردت الاحاديث التي ذكرناها بذم اليمين الكاذبة ثم ان الحالف يكون سببا لحرمان شخص آخر من حجة الفريضة التي هي حجة الاسلام وعليه فان هذا بدأ حجة بمخالفة شرعية وصلت حد الكبيرة فمن يفعل ذلك فعليه ان يستغفر الله ويتوب اليه ويعود عما فعل ولا يكمل حجة ان كان قائما وان كان مضى فانه يستغفر الله ويتوب اليه .
والله اعلم المجلس الاســـــلامي للافتاء
اللهم انك عفو غفور كريم تحب العفو فاعفوا واصفح عن من تجاوز او نسي بالحلف باسمك ساهيا كان او كاذبا ..
اللهم رحمتك نرجوا فلا تكلنا لأنفسنا طرفة أعين ..
إنك سميع مجيب وحسبنا الله العلي العظيم ..
10-10-2007, 02:00 PM
كثيراً ما نشاهده ونسمعه .. اللهم اغفر لهم وتب عليهم إنك انت التواب الرحيم !!
العرض العادي
