تدرين خطانا بالحياة ..
انا زرعنا أحلامنا فوق السحاب ..
وقلنا متى نكبر ونصبح شباب ..
ونقطف ورود أحلاما والأمنيات ..
ولمّا كبرنا وجينا نسأل حلمنا ..
تدرين وش لقينا ؟!!
لقينا أجمل حلم (مــــات)..
وبعدها دريانا أ، أجمل شي فينا (الذكريـــات)
"لن يطول الصمت أكثر .. صديقتي ريمو .. أنا مرضة .. دعواتكِ لي بالشفاء"

.
.
.

.. مريــضة ..
لا يعقل ، ملاك مريضة !!

.
.
.

rosy angel
يتصل بك

.
.

بكل هدوء .. تزف الخبر الأليم (سرطان في الدم)

ريم : لمـــــاذا

ملاك : لأن الله كتب لي ذلك

ريم : ملاك .. أنتِ كاذبة

ملاك : لا أكذب ، ريمــو صدقيني ، أنا مريضة منذ ثمانية أشهر ، منذ أن افترقنا تقريباً ..
لم أشأ إيلامك حينها ، وكان أملي بالشفاء كبير ، اليوم لا أمل لي ، لم يتبقّ لي سوى القليل لأعيشه
ساعديني لأستمتع بوقتي المتبقي ، غداً سأسافر لمكة ، وبعد أن أعود ، لنا لقاء قريب ..

ملاك : ريمــو .. هل تسمعينني .. ريمو ما بك

أتنهد بحسرة وبقوة .. بقوة الألم ، ثم يعلو شهيقي

ملاك : ريمــو .. مللت من رؤية الدموع ، أريد أياماً لا تبللها دموع ، أياماً ملساء بلا رتوش
أياماً بطعم الفرح ، ورائحة الكرز التي نحب
عديني يا صديقتي بأن لا
أسمع بعد اليوم سوى الضحك ..
أريد المرح والجنون والبهجة ..
ريمـــو .. هل تسمعينني ؟!!

بصوت متقطع وعدتها بأن يكون لها ما أرادت ..
ثم ... " إلى اللقاء "

ملخص المكالمة
15 : 25

.
.
.

بعد ثلاثة أيام كان اللقاء ..
عناق طويل ، تخللته دموع .. وعبرات .. وتنهيدات .. (لم أحافظ على وعدي)

ثمانية أشهر لم أرى فيها صديقتي ..
أي منذ أن أغلقت المدرسة أبوابها ..

Rosy Angel
أو" الملاك الوردي " تبدو اليوم "ملاكاً شاحباً بوجه مصفر "

الهالات السوداء تحت عينيها ..

لم تتعالج بالجرعات الكيميائية ، لذا .. فهي لازالت تحتفظ بشعرها الأسود المموج ، وقد ازداد طولاً ..

.
.
.

في غرفة ملاك ، تبادلنا أطراف الحديث ، لا أعلم لماذا عمدت ملاك لأن يكون محور حديثنا عن الذكريات الخالية ..
"الذكريـــــات " .. ولا غير

.
.
.

أخرجت من خزانتها (ملفــاً) كبيراً بلون الورد الذي تحب ، مزيناً بفراشاتٍ ملونة بألوان الطيف .
كانت تسمية (ملف الذكريات السّري للغاية) !!

* صورة لنجمنا المفضل ..
ابتسمنا ، بل ضحكنا عندما تذكرنا حديثنا عنه ، ذلك الحديث الذي نختتمه دوماً بقولنا :

* ورقة تبادلناها في حصة التاريخ ..

بالقلم الأحمر كتبت ملاك :
" شفتي هديل .. بصراحة مالها داعي أبداً تقول كذا لسارة .. فشلتها قدامنا .. المفروض تعتذر منها "

بالقلم الأزرق كتبت أنا :
" أتعب أنا من طيبتك !! .. ملاك كم مره أقول لك ما عليك من أحد .. ان شاء الله يتذابحون ما عليك منهم
بعدين سارة راضية .. شفتهم يضحكون مع بعض .. خلي عنك الطيبة الزايدة .. مشاكلنا تكفينا .. نشيل مشاكل الناس بعد "

بالأحمر مرةً أخرى :
" أشوى طمنتيني .. عاد تصدقين .. كنت ناوية أراضيهم في الطلعة "

بالأزرق :
" أقول لا يكثر .... "

بالأحمر :
" طيب ..."

ضحكنا .. ثم سألت ملاك : هل ستسامحنا استاذة صيته (معلمة التاريخ) لو علمت بفعلتنا ..
مصيبة لو لم تسامحنا !! ، المسألة لم تكن حصراً على استاذة صيته وحدها
ريمـــو .. إن رأيتيهن فاعتذري لهن بالنيابة عني وأطلبي الحلّ والسماح .. لدي ما يكفي من الذنوب ..

* خواطر كتبتها "ملاك" وأطلعتني على معضمها ..
بدأنا نتصفحها .. الواحدة تلو الأخرى ..
ملائكية في كل شيء صديقتي ملاك .. (حروفك ، كلماتك ، مشاعرك) ورقيقة كلون الزهر ..

* رسومات .. ما أجمل الرسومات !!
فراشات .. زهور .. كرزات .. عيون ....

* أساور صوفية صنعتها لها أيام (طفرة الصوف) ، جاوز عددها التسعة ..
ربطتْ واحدة على معصمي ، ثم قالت :
" احتفضي بها ، إنها الأجمل ، وبالألوان التي أُحبّ ، تذكريني بها بعد رحيلي "

(مرة أخرى لم أحافظ على وعدي) أغرورقت عيناي بالدموع ..
مسحتها بيدها الصغيرة الذابلة ، وذكرتني بالوعد ..

.
.
.

صباح يومالجمعة استيفظت ..
اشعر برغبة في البكاء ، ونغزات ألم تزور قلبي ..
أردت الاتصال على ملاك ..
لطالما حفِلت صباحات الجُمع بمكالمات طويلة بيني وبين ملاك

جار الاتصال
rosy angel

ما من مجيب ، ربما نائمة ..

تجيبني نورة شقيقة ملاك الكبرى ..

ريم : صباح الخير ملاكي

نوره : صباح النور .. هلا ريم

ريم : مين نوره ؟!!

نوره : ايه

ريم : سلامات .. وش في صوتك متغير

نوره بنحيب : ملاك يا ريم ملاك

نوره : ملاك ماتــــــــــت

.
.
.

عنوان لرواية قرأتها قبل سنة ، ابكتني أحداث تلك الرواية ، وتألمت لأجل بطلها بعد أن رحلوا عنه "زوجته واطفاله" في غمضت عين

لكن أن ترحل ملاك بلا عودة ، لا أصدق ، ولا أتخيل حجم الألم ..
كيف ستكون الأيام بعدها ؟!!
صباحات الجمع كيف ستمر وخطوط هواتفنا ليست مشغولة ؟!!

.
.
.

لم أزل أسبح في بحر وهم ..

جار الاتصال
rosy angel

يبدو عمــر (أخو ملاك) ، دائماً يتحدث بأدب ..

حسناً يا عمر ، سأتصل فيما بعد ..

..... فيما بعد ، يجيب من ظننته (لهلوستي وجنوني) عمــر : " إن الرقم الذي طلبته غير موجود ................"

عمر ... أنا أكرهك .. وأكرهها
سأحذف رقمها ، سأدفنها من جديد في باطن ذاكرتي المهمشة <-- وهل استطيع !!

لا أريد ذكريات ملاك ..
ملاك .. الراحلة بقسوة .. أنا حقاً لا أريدها ..

(هذا جنون) ....لطالما وصفتني ملاك بالجنون والمزاجية

ملاااااااااااااااااك .. ملاااااااااااااااااااااااااك ..ملااااااااااااااااااااااااااااااااااااااك

يطول النداء ولا مجيب لصوتي سوى صداه ..

.
.
.

وبعد سنوات ...
اتزوج عمر ..
بعدها تأتي صغيرتي ملاك ..
تشبه عمتها المتوفية (شكراً الجينات الوراثية .. اعدتم لي صديقتي)

.
.
.

"ملاك"
كانت مزيجاً من كل صديقاتي ، لم توجد بعد تلك الصديقة ، ولا أظن وجودها .. هي حقاً ملاك !!

ربما كانت قاسية في رحيلها ، وخدشت بذلك ملائكيتها ، لكنها بقيت ملاك ..

هل من ملاك
هل من ملاك لا ترحل إلا بعد رحيلي

..