بسم الله الرحمن الرحيم
* { التدرج.. حتى لا نضطرب..
على عجل قرأ كتاباً.. كتابين.. ثلاثة.. بل عشرة،
وهو ما زال في العشرين من عمره أو أقل منها..
إنه يقرأ من الكتب ما يقرأه كبار المثقفين، ويتحدث عن ذات
الأمور التي يتحدثون عنها، ويناقشهم فيها أحياناً..!
مثل هذا النموذج متكرر علينا.. وربما وجدت لبعضهم عموداً في صحيفة
عندما يكون عمره في حدود الخامسة والعشرين، أو تجد المتابعين يتلهفون
لقراءة تغريداته في تويتر، أو تدويناته على مدونته الإليكترونية.. أو نحو ذلك..
لست بالطبع أتحدث عن موهبته، ولا أود أن يتوقف عن الكتابة.. ولا أريد منه أيضاً
أنيتوقف عن القراءة.. بل إنني أحثه على الإكثار من كليهما،
ولكن: اعرف ماذا تقرأ؟!واعرف ما الذي ينبغي عليك أن تكتب عنه..
* { الخطأ الكبير
الخطأ الكبير الذي نقع فيه نحن معشر الشباب يكمن في أننا نقرأ، لكننا نقفز على
مراحلالتأسيس إلى المراحل التالية.. لتصبح لدينا فجوة عظيمة في التفكير،
وفي أساسيات العلوم،وأي عمل أو بناء أساسه هش، فإن مآله للسقوط..
إلا إذا تداركنا الأمر، وحاولنا تصليب الأساسات!..
الخطأ الكبير، نحن الأساس فيه.. وللمثقفين والنخب فيه نصيب.. ف
إنهم يحدثوننا وينصحوننا بكتبقرأوها في السنة العاشرة أو العشرين من
عمرهم الثقافي.. بينما نحن لا زلنا في السنة الأولى أو الثانية!
ليس مهماً أن نبدأ من حيث ما بدأوا في كل شيء.. لكن بعض أساسيات
العلوم والمعارف لا غنى عنها:اليوم أو بعد ألف سنة!..
وهذه هي التي نخطئ خطأ فادحاً عندما نقفزها وننتقل إلى درجة السلم التي تليها فوراً..
* { أثر هذا الخطأ
على سبيل المثال، ستجد من يناقشك في مسألة شرعية بناء على مناقشة لها قرأها
من كاتب معاصر،أو بشكل أكثر دقة: من خلال كتاب لأحد المستشرقين،
وينطلق في معتقداته بناءً على ما قرأه في ذلك الكتاب،وعندما يناقشه المختص
سيجد أن هناك هوة عميقة بينهما، والسبب يعود إلى: انعدام التأصيل أو ضعفه..
فصاحبنا لم يقرأ في المسألة سوى ذلك الكتاب، وليس لديه دراية كافية بأصول
الحديث (مصطلح الحديث) أوالقواعد الفقهية، أو قواعد أصول الفقه ونحو ذلك..
وبالتالي فإن السعي في النقاش لأجل إيصال الفكرة سيعدأمراً شاقاً جد شاق!..
وبمثال آخر لأهل التخصصات العلمية:
فتخيل معي أنك تقدم درساً في التفاعل الكيميائي بين (حمض وقاعدة) لتكوين ( ملح ) .. فيما الشخص الذي أمامكلا يعرف العناصر.. ولا يعرف الجدول الدوري..
ولا يعرف ما الحمض.. وما القاعدة.. وما وما وما..
أليس الطريق طويلاً حتى تصل إلى مرادك؟!.. ستحتاج أولاً إلى إعطائه كل تلك
الأساسيات قبل الشروع في شرح موضوعك..
وبالمثل في (الرياضيات ) مثلاً..
فهل يعقل أن تقوم بشرح ( التفاضل والتكامل ) أو ( الجبر الخطي ) ..
لشخص لا يعرف الجمع والطرح؟!
يبدو مثلاً ساخراً.. لكن هذه هي حقيقة ما نفعله في تأسيسنا الثقافي..
* ماذا نفعل لنسير في الطريق الصحيح؟!
لا شيء يعدل التدرج.. وأفضل التدرج وأولاه: البدء بأساسيات العلوم الشرعية،
ويكون ذلك من خلال سؤالالمختصين بما يناسب.. وفائدة ذلك:
أنك لو قرأت أي كتاب بعد ذلك، وكانت فيه أخطاء تخالف العقيدة السليمة،
فإنها لا تؤثر في عقيدتك، وعندما تثاربعض المسائل الخلافية أو الشبهات
أو نحو ذلك حول الإسلام، يكون لديك ما يكفي لردها..
بوركت أعين قرأت ما كتبت..
وفقكم الله وسددكم..
أسعد بتصويبكم وآرائكم ونقدكم البناء..