.
أختبئ .. عن أسهم نظراتهم المتّهِمة الساخره , أركُض بعيداً عن كل شيءٍ حولي وكل شخص
أكره أن أكون المُجرمه أو حتى الضحيّه .. كُل تلك الأدوار التي قد تُسمى بطولية أكرهها ولا تُقنعني
رُبما لأني لم أعتاد على الظهور بكثرة , وعلى نزع قناعي الرثّ الذي أرتديه مُنذُ زمن
لا أحب أن أُعرَف على حقيقتي ولا أن أُظهِرَ لأي أحد أي جانب من حياتي حتى لو كان تافه !
تعبتُ كثيراً وأنا أنسج هذه الهالة الرماديّة حولي كي لا يعرفني أحد ولا يكتشفني أحد .
أؤمن بأنه لا شيء يستحق الإخفاء في حياتي , ولكن لم أعرف إلى الآن مالذي أود الوصول إليه ؟
لا أنكر بأني أبحث كثيراً عن قلوبٍ تلوّن إبتسامتي الصفراء بأي لون آخر قد يكون أحمراً أو أبيض
فقد مللت ذلك اللون الاصفر الذي يسيطر على كل تفاصيل حياتي .. وحتى على وجهي !
أتمنى حقاً أن أجد حتى لو قلباً واحد يستطيع أن يمحو ذلك الصفار الذي إمتلئتُ به و امتلأ بي .
أعلمُ جيداً بأني لم أكُن هكذا قبل رحيله .. وأعلمُ أني لم أتأقلم إلى الآن على حياتي بلا وجوده
بلا صوته وبلا إبتسامته , لم أرَنِي ضعيفة طيلة حياتي كما أنا أراني الآن !
جُلّ وقتي أقضيه بتعليق صوره وتفاصيله الصغيره على جدارن غرفتي الثلاثه .. أما الرابع
فـ تعِب من الوقوف ولم يعُد يستطيع التحمّل , تنبأتُ بأنه سيهوي قريباً , تقول أمي ان كل ذلك يحدث به من المطر !
لا أعتقد ان المطر يمتلك كل تلك القسوه .
منذ ان رحل إختلف كُل شيء حولي وحتى تصرفاتي اختلفت .. أصْبَحتُ لا أكترث بصوت صراخٍ عالٍ يُحيط بي
ولا أفعل شيء لطفلٍ يبكي أمامي سِوا أني أتأمل لسانُه المُرتَجِف حِينها و شَفَتاهُ المُزرّقه .
أصبحتُ بارده لا يُشغلنِي شيء ولا يشوّقني شيء .. فَقط آكل وأشرب وأقوم بقَذف قلبي بعنف إلى أي مكانٍ بعيد
لأنه لم يعُد بداخلي مُتّسع له .
يستغربون مَنْهُم حولي تصرفاتي الغريبه المُضحكه والحمقاء التي أقوم بِها أحيانا ,
يعتقدون أني أسعَى لإلفاتِ إنتباههم وربما إضحاكهم .. لا يعلمون أني أقوم بِذلك لأُذكّرَ أعضائي
أني ( لا أزالُ حيّه ) لأني أعتقد بأنهم نَسوا ذلك .
فأرقص بجنون أضحك بهستيريا وأقفز مرّات عديده حتى أسقط ارضاً وأستلقي على ظهري مُنهَكَه
بعدها أشعُر بأني لا أزال على قيد الحياة وأبتسم إبتسامة إنتصار لأعضائي !
وأعود لأختبئ , أُحكم إلصاق قِناعي عَلى وجهي الذي بَدا أسوداً بعد الصفار الذي استوطنه
ألبس نظارتي السوداء التي تخفي عيناي وما حولهما تماما لكي لا يرى الناس صورته منقوشة على بؤبؤيّ عينيّ
فذلك السبب الذي لازلت أُخفيه عن أنظارهم المُتّهِمه أو الساخره .. فلتكن بأي قصد , أنا لم أعُد أهتَم
حتى لو نظروا لي بإعجاب ايضا لا يهم سـ أأخذ نظراتهم وأقوم برميها في حُفرةٍ أعتدتُ أن أرمِي بِها كُل أشيائي عديمة الفائده !
- 2010 / حُزيران
.
11-07-2010, 04:18 AM
إختباء
العرض الشجري
