يكفي السجين حرماناً .|’إلا يستطيع المشي تحت المطر!!
. . تيري ببآوي ’
قديما ً دفع الثوار والمحاربين أرواحهم ثمنا ً للحرية , قُتِلوا لـ ٍِ تعيش الحرية . . ,’
فــ غفارا , عمر المختار , فيديل , جون هيس . . . وغيرهم
أمضوا حياتهم يناضلون لأجل الحرية التي يرونها ,’
وأن قلبت سيرة حياة أحدهم ستسأل نفسك كثيراً . .
ما إن كانت الحرية تستحق كل ما فعلوه لأجلها . . وما أن كانوا يستطيعون العيش من دونها ؟! متلافين كل تلك الطرق الشاقة !
ولكنك بتأكيد ستجد جواب سؤالك حاضراً في نهاية كل ثائر وباحثاً عن الحرية .
فأما أن يجد الحرية . . أو يمت لأجلها
من هذا نفهم . . . أن العيش بلا حرية موتا ً ,’
فـ الحرية . . . هي الحياة !
.
ولكن !
ماذا إن عاشت أرواحنا مقيده بـداخل كوكب عظيم تحيط بنا أسواره بشكلها الدائم ,.
حُكم فيها علينا سجنا ً بـ عداد سنين العمر
.ذلاً وهوانا. . | وأياماً شاقة
,
هُناك تكُن الحياة هي السجن . . وتكمن الحرية خلف أسواره ,.
من هُنآ . . و من هُنآ فقط سأبدأ حديثي . . وسأجعل منكم قضاه لقضيتي
فـ أنصتوا إلى واستمعوا علكم قليلاً تفقهون . .
كنت أرى الحيآة بعيني شاب ’ . . . ينظر إلى المستقل ويرسمه بحرفيه
طموح . . مجتهد ... خلوق . . ووسيما ً أيضا َ
حياتي كانت رائعة . . بل هي مذهله ومثاليه . .
قبل ما يقارب الأعوام الخمس . . وفي يوم نحس انقلبت حياتي
واختلت معايري . . وحلقت أحلامي بعيدا ً كـ سربا ً من الحمام
كل ما ظننت أني امتلكته . . فقدته ’| ومنحتني الأيام ما لم أطلبه يوما ً ولا أسعى له
فـ سرقتني ( حُلم الهندسة ) . . , و أهدتني رتبة مختلفة ومتفردة جدا ً
أنها رتبة ( خريج سجون ) !’
.
لعلها أصـابتكم تلك الجملة بالأعلى بشيء من الصدمة . .
على كلا ً هذا هو الواقع , أنا خريج سجون . .
|’ وبتهمه تتعلق بالمخدرات
قد تشتمني الآن . . وربما تدعي علي بعدم التوفيق . . وقد يكون هناك من يقرأ كلماتي
باشمئزاز مُرددا ً ( و لك وجه بعد ) .!!
لا بأس . .
فـأنا مُعتاد على هذا ولكن رجاءي الوحيد أن لا يحمل
الاشمئزاز أحدكم على هجر متصفحي متعهد على نفسه إلا يطلع على أي موضوع
يخصني . . فـ ابقي بقربي حتى لا تشعرني بالقدر الذي أنا فيه منبوذ
:’
لن أتحدث عن الماضي ولا أريد للحنين لتلك الأيام أن يقتلني . . سأتحدث عني الآن
أخطأت . . وكلنا خطاءون . .أخطأت وأنا أبن آدم
كان خطأ وحيد . . ولكنه أوقع بي . . . . سُجنت .. ,’
من أول يوم لي كان شغلي الشاغل هو دراسي . . عرفت حينها إني فقدت حلمي . .
وك عادة المصائب عندما تأتي . . تأتي مُجتمٍعه ,.
بعد عدة أشهر تزوجت خطيبتي . . دعيت لها بالتوفيق وتمتمت ب داخلي
( اللي خلقها خلق غيرها بكره تطلع وتتزوج أحسن البنات ) .,
أمضيت سنوات السجن . . ومع كل سنه تمضي أبحث فيها عن أصدقائي وزواري . .
ويبدو أني لم أحسن اختيار رفقائي . . فقد بقيت وحيدا َ في أخر المطاف ,.
ولأجل صلواتي واستغفاراً بالأسحار , لأجل دموع أمي كل نهار . .
لأجل رحمت ربي الواحد الغفار . .
انتهت الخمس سنوات . .
حينما شاءت لي الأقدار أن أكون ممن ( شملهم العفو ) ,.
خرجت . . تواق للحرية ونسماتها . . خرجت لـ أتنفس الهواء . .
خرجت مطلقا ً السجن والسجان . . وحتى أصدقاء السجن قطعت معهم
كل الأوصال ’
أريد أن أنسى السجن وأيامه . . سـأنساه . . سأصلح كل ما فات سأعمل بجد
سـ أتزوج و أُرزق ب أطفال صِغار . . وبتأكيد سأكمل دراستي يالسعادتي هنا ستنتهي الأحزان .,
|’ لم أكُن بحاجة مدة طويلة حتى أعي واقعي .
يبدوا أن التفاؤل المفرط قد أخذ مني مأخذه . . . فلا زلت أنا كما أنا
|| مجرم ( خريج سجون) ’
وحتى تكونوا ب الصورة ولا يفٌتكم شيء منها فأنا هُنا
قد أمضيت من عمري خمس سنوات سجينا ً . . عمري الآن 27 عاما ً . .
حاصل على شهادة الثانوية العامة منذُ ما يقارب الــ 9 سنوات . . أصبحت تلك الشهادة عديمة الفائدة كما قيل لي . . !!
لا أملك عمل . . ومازلت أبحث .
فـ هنا فوق جبيني كلمات كُتبت لم أستطع محوها مهما حاولت . . .
يقرأها الجميع أينما ذهبت . . أصبحت كنيتي وأسمي وعائلتي وكل صفاتي .
.
هذا خريج السجون . . ذهب خريج السجون . . عاد خريج السجون
وقريبا ً سـ يُجن خريج السجون . . . . صدقوني ’
أمآ
محاولاتي في البحث عن عمل كانت مضنيه . . وأن وفقت أًطرد بعد أن ينكشف أمري | ( أسمح لي ما كنت أعرف أنك خريج سجون )
أمر الزواج لم يكن بـأفضل حالا ً من العمل . .
فأنا سيئ السمعة . . خريج سجون , وعاطل عن العمل . .
أرأيتم حظا ً كهذا . . !!
وهنا سـأترك لكم حرية التخيل وتوقع ردت الفعل . . فهناك قائمه تطول من العبارات
التي أصبحت ملازمة لـ مفردة الزواج في أحدى زوايا دماغي .
- من هم بشاكلتك يا عزيزي يستحقون الموت . . فلست أهلا ً للحرية
شاب عدواني ذو فكر خرٍب يسعى في الأرض مفسدا ً , بركان خامدً أنت
في أي وقت ستثور وتدمر من حولك . . وكما يبدوا أنك بذرهً فاسدة وتربيه سيئة
فكيف لك أن تتزوج وتربي أطفال , من هم بشاكلتك لا يستحقون العيش . .
فكيف تطلبنا الحرية !؟
عفوا ً!
كان هذا صوت المجتمع . . فهو معتاد على عدم احترامي
فـ هاهو يقاطع حديثي !
وكما يبدو أنني أطلت الحديث وأكثرت الشكوى . . . وحتى لا أثير غضب ذاك المجتمع أكثر سأنهي حديثي وملامتي
و سأترك لكم تساؤلات . . أحدث بِها نفسي كثيرا ً
: إلا تعتقدون أن فترة السجن كافيه لعقاب السجين , وماذا أن كآن مظلوما ألم يكن هذا في نطاق تفكيركم أيضا ً؟!
:أليس من المفروض أن يكون السجين متلهف للحرية وخدمه هذا المجتمع فلما يُنبذ ؟!
:أليس له حق العمل . . والزواج . . والاحترام ؟!
:لماذا يدفع المجتمع دائما بالسجناء حتى يعودوا سُجناء مذنبين ؟!
إن كنتم عادلين فراقبوا سلوككم وقيموه . . ثم أحكموا أيهم أحق بالعقاب ؟!
فـ رحماك ربي أنا أشتكي من المجتمع إليه .
في الحقيقة أنا لست خريج سجون . . ولكني أردت أن تحصلوا على ردت فعل حقيقية
, لـ ِ يُقيم كل شخص نفسه ك فرد من المجتمع !
فـ لتحيى أرواحكم حرة . . عادله ,’