![](http://n4up.com//uploads/images/0544420074-b26bfa981e.jpg)
نداء للركاب العائدين على متن الرحلة
المتوجهة للرياض و القادمة من واشنطن
من بين هؤلاء الركاب
" تركي .. العائد بشهادة الماجستير - تخصص إعلام
من أكبر جامعات Washington, D.C
عائدٌ تركي و لا يحمل سوى حقيبة واحدة
لا تحوي سوى سترات جسده : الملابس
وسترات عقله : الكتب !
هبطت الطائرة في مطار الرياض .. عاصمة الثقافة
تلك التي اصبحت تفتح كل عام الباب على مصراعيه
لإستقبال وفود المثقفين و الأدباء لحضور معرضها الدولي للكتاب
عانق تركي أخيراً سماء الرياض و إبتسامة الحنين
لوالديه و لإخوته و أهله ، تعلو محياه !
ما إن وطأت قدماه ارض المطار .. حتى فوجئ بترحاب موظف الجمارك له :
- " افتح شنطتك و انتظر "
- " الساعه ثنـتين بالليل و انتظر !! ليش ؟ "
- " ............ "
حدة ملامح موظف الجمارك و هو ينفض الكتب فسّـرت لـ تركي الكثير !
أخذ الموظف يقلّب الكتب .. و يقرأ عناوينها ، و يتهجّى بعضها المبهم !
ازدادت حدة ملامحه شيئاً فشيئاً و كأن شياطيناً تتقافز من بين تلك الكتب !
نصف ساعة من الإنتظار ..
نصف ساعة و الموظف لا زالت تعيث يده في كتب تركي فساداً
موظف قد لا يكن شيئاً .. من علم و أدب و أخلاق أمام شخص كـ تركي !
نصف ساعة زادت عن مدة الرحلة ، و عيناه " أمه ، أبيه " ينتظرانه
و هو موقوف دون وجه حق لأجل كتب !
نصف ساعة عومل بها تركي .. و قُلبت كتبه
كما تُـقلب امتعة من يحمل أقراص تخدير أو حبوب منبهه
زجاجات ويسكي أو أسلحة فتاكة أو هيروين !
نصف ساعة من العار !
عار حينما يشهد بقية الركاب الأجانب على الرحلة
موظفاً يستوقف مواطناً ليدقق في عناوين كتبه ،
و يفتش صفحاتها بحثاً عن الشيطان اللعين.
و لأجل أميّة موظف " المعارك " لا الجمارك ،
أحال الكتب و صاحبها إلى موظف الإعلام .
و بكل انصياع و مرونة يخبر تركي موظف الإعلام
بتصريح الدكتور عبدالعزيز السبيل - وكيل وزارة الثقافة والإعلام للشئون الثقافية -
بخصوص عدم منع دخول الكتب خاصة التي تكون بحوزة مواطن مـا
كيف اذا كان باحثاً ، دارساً و إعلامياً !
ليأتي رد موظف الإعلام كالضربة القاضيه و نهاية لسلسلة الدهشات اللامنتهية
التي تعرض لها تركي في ليلته الغبراء تلك : " و من هو عبدالعزيز السبيل هذا ؟! "
إن موظف إعلام لا يعرف عبد العزيز السبيل - مسؤولاً في مجال عمله -
هو بالأحرى لا يمكن أن يعرف تشومسكي ولا نيتشه و لا برنارد شو ولا حتى عبده خال .
من المحزن إرباك الناس في ساعات متأخرة من الليل
من أجل أن موظفا ما ، قرر في لحظة أن يتحول لمسلح جديد لحماية الثقافة .
من البؤس أن لا يعرف الموظف أياَ يكن منصبه
- صلاحياته و حدود عمله -
و يربك الناس لأجل ان يتصيد لنفسه علاوة جيدة في عمله ،
و لأجل ان ذائقته و عقله منغلق في زمن ينفتح فيه كل شي على كل انغلاق !
أُطلق سراح تركي - فقط
و كل كتبه في حوزة رجال الجمارك ،
لأن الموظف الليلي لا يعرف كنهها ،
ولأن المدير الصباحي لم يأت لدوامه حتى أذان عصر اليوم التالي .
- تـمت !
* القصة حقيقية بتصرف في هوية الشخص ![ورده](http://www.alqanas.com.sa/vb/yasser20/me/F.gif)