لقد شاهدت جسدها المحترق
رأيت دمائها الطاهرة انسكبت
رأيت بقايا طعام متناثر
قبل أن تطعم الطعام لفلذة كبدها
قبل أن تداوي حبيبتها
ولكنني لم أكن أعلم من تكون
إلا حينما فتحت الباب ؟؟
:
:
:
وجدت أمامي غرفة صغيرة
جدار منهار
وفوضى تعم أرجاء المكان
تكسوها ظلمة قاسيه
وصمت مرعبا
انتابني الخوف ولكني لم أتراجع
دخلت ومعي شمعتي التي طالما رافقتني في رحلتي المبهمة
حاولت أن لا أتعثر لان مااصاب المكان شي لا يصدق
سمعت صوتا من بعيد
صوت أنين حزين
صوت يتجسد فيه الحزن الأليم
صوت يبحث عن من يساعده
صوت تسلل إلى أوتار قلبي قبل إن يطرق مسامعي
حاولت جاهدة أن أسرع ولكن المكان كان سبب تعثري
سبب بطئ سيري
أصبحت أخشى من السقوط المفاجئ
أصبحت مابين الخوف والرجاء للوصول لذلك الأنين
الظلمة الحالكة التي تكسو المكان ترهقني
اقتربت من الصوت أكثر
أحسست أن الأنين يزيد وان الألم يقوى
اقتربت أكثر فأكثر فوجدت مالم أكن أتوقعه
رأيت مالم يكن بالحسبان
رأيت شبح طفله........ لم تكن كالأطفال
رأيت بجانبها بقايا شمعة احترقت كما احترق وجدانها
تقدمت لها أكثر لأبث الأمان في قلبها
لعل قلبها يسكن..
و نفسها الخائفة تأمن ..
اقتربت منها وأمسكت يديها وأنا انظر إلى عينيها البائستان
انظر إلى جسمها المتهالك
انظر إلى بقايا دموعها
لم استطع أن أصمت
بادرتها بالسؤال
من أنتي ؟
لما أنتي هنا؟
ماذا حدث لك؟
أسئلة كثيرة
حاولت أن افهم منها الكثير
قاطعتني بكلامها المتقطع المتعب من الحنين
قالت :كنت مع أمي وأهلي هنا
جميعهم خرجوا ولم يبقى غير أمي وأنا
جميعهم ماتوا خطأ
لم يبقى لي سواء الحضن الدافئ ......أما أبي المسكين فقد فقدته
وإخوتي فقد ماتوا جميعهم بقنبلة خاطئة (هم يقولون أنها أصابتهم خطأ)
قاطعتها وقلت لها وأين أمك ألان
حينها رمقت الباب بنظرة حزن تبعتها دمعة حارقة
قالت:
أمي ذهبت منذ يومين ولم تعد
ذهبت لتحضر لي الطعام والدواء
ذهبت لتحضر لي الشراب
فلم يعد هناك احد يساعدنا
أبي مات وإخوتي أيضا
أمي ذهبت وأنا ألان انتظرها
انتظر حضنها الدافئ
انتظر لمستها الحانية
لا أريد طعام ولا شراب ولا دواء
مااريده هو
حضنها
قبلتها
ابتسامتها
لمستها
همستها
لكنها تأخرت ولم تعد
قلت لها وما هذا الدمار إلي حدث لبيتكم
أعتذر أقصد غرفتكم
قالت:بعد أن غصت بعبرتها
قالت بعد أن سكبت دمعتها
أنها قنبلة خاطئة
قنبلة ناسفة
قنبلة قاتلة
دمرت كل مابقي لي من حياة
كل مابقي لي من مكان
حينها صمتت الصغيرة
وقالت بكل مافيها من قوة متهالكة
لكن هذا لا يهمني
الذي يهمني أمي
أين هي
أين ذهبت
لم تعد
أهي قتلت أم ماذا؟
أهي احتجزت عندهم؟
أهي.... أهي..............ولم يقطع تساؤلها ...........إلا ذوبان شمعتي
وانطفائها بدموعي الحزينة لحالها
ومعها أنطفأ الأمل في قلبها
و لم اعد استطيع النطق
لان من رأيت قبل أن افتح الباب
هي من تناجيها
من تبحث عنها
أنها الصدر الحنون (أمها)
وهنا
عم الصمت أرجاء المكان
:
:
هذا هو حال الأطفال في فلسطين المغتصبة
هذا هو حالهم
خوف وألم وجوع وظلمة حالكة
:
: